يا سلطاننا ، وإننا سنعثر على داعية مستقيم الأفكار قد سلح نفسه وزينها بأفكار توافق أفكار سلطنتك وسنعرض الأمر على عتبة سلطنتك بعد الاستئذان ، فقال له السلطان لا كلا لا لزوم لتعيين موظف من هنا.
وحتى لا تتعرض تعميرات البناء المقدس للانقطاع فترة أخرى قد أحلت مهمة أمانة الأبنية العالية إلى ابن عريانى أحمد أسعد (١) أفندى قاضى المدينة المنورة ـ على صاحبها أكمل التحية ـ والذى يوجد الآن فى مكة المكرمة وفوضت الأمر إليه لكفائته ، ولما كان أحمد أسعد أفندى أبا عن جد من رجالنا المشهورين والداعين للدولة والمستقيمين فإننى أثق فيه ، بسبب تجاربى السابقه ، وإن شاء الله يوفق فى إتمام مهمته على أحسن وجه ، وتلقى أحمد أسعد أفندى هذه الإجابة التى تنطوى على الإرادة السلطانية فأرسل الفرمان السلطانى الذى يتضمن تعيين أحمد أسعد أفندى بالمدينة المنورة سنة ١٢٧٥ ه وبلغت التوجيهات السلطانية وحسن ظن السلطان فيه عن طريق آخر ، كما طلب منه أن يبادر فى العمل دون تأخير وأن يبذل أقصى جهوده لإتمام مهمته ، وأوصى بإخطارات أخرى مبينا دقة الموقف وأهميتها وبلغت إدارة مكة المكرمة أنه إذا ما استدعى الأمر من جانب أحمد أسعد أفندى نزاع الأهالى فعلى أمير مكة أن يذهب بذاته إلى المدينة المنورة لحل المشكلة.
ولما أخذ أحمد أسعد أفندى الأمر (٢) السلطانى بتعيينه فى عمارة المسجد النبوى بكى من سروره وسجد لله ـ سبحانه وتعالى ـ على تعيينه لتلك الخدمة المسعودة دون أن يكون له دراية بهذا الموضوع ، فتحرك رأسا من مكة المعظمة ووصل إلى المدينة المنورة فى أوائل جمادى الأولى سنة ١٢٧٦ ه.
وزار حجرة الرسول صلى الله عليه وسلم المعطرة ـ عليه أعظم التحايا ـ وعرض عليه تذلله وافتقاره وأبان عجزه واستعان برسول الله صلى الله عليه وسلم فى إتمام مهمته راجيا نصرته وعونه وشرع فى إتمام مهمته بعد أن بدأ فى عمله ذاكرا اسم الله ، وأتم ذلك العمل
__________________
(١) تولى الأفندى المشار إليه منصب المفتى فى اليوم الثامن من شهر ذى الحجة عام ١٢٩٥.
(٢) وصورة هذا الفرمان مندرجة فى ذيل الصورة رقم (٢).