وبعد ذلك ودع كل واحد منهم كأن هؤلاء يتمتعون بالحياة.
كانت فاطمة ـ رضى الله عنها ـ تزور قبر حمزة ـ رضى الله عنه ـ مرة كل يومين وتبذل جهدا لتضع علامة خاصة حتى لا ينسى القبر الجليل. وفى ليلة كل جمعة تذهب وتصلى طويلا وتبكى مدة طويلة وتعود ، وقد رعت هذا النظام إلى أن توفيت ، وكلما كان النبى صلى الله عليه وسلم يزور مقبرة شهداء أحد يقول : من يزورهم ومن يسلمون عليهم يردون عليهم السلام.
وهناك حكايات جمة تؤيد هذا الحديث الجليل وتروى بسند جيد ما قالته خالة عطاف بن خالد : «إننى زرت شهداء أحد ، فردوا على سلامى ثم سمعت صوتا هاتفا يقول : «نحن نعرفكم كما تعرفون بعضكم بعضا» فأغمى علىّ من شدة حيرتى». وروت فاطمة بنت خريمة قائلة كنا نمر مع أختى من ميدان معركة أحد وكانت الشمس قد غربت فأخذت أختى وتوجهت معها لزيارة مشهد حمزة ـ رضى الله عنه ـ وبعد الوصول قلت «السلام عليك يا عم رسول الله» فسمعت أنه يرد السلام قائلا وعليكم السلام ورحمة الله هذا» ما يروونه.
بناء على رواية الإمام البيهقى محركا السند من هشام بن محمد العمرى كان ابن عمر يقول : «خرجنا مع أبى يوم الجمعة قبل شروق الشمس لزيارة قبور الشهداء! ولما دخلنا المقبرة قال والدى بصوت عال : السلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار» وسمع عقب ذلك صوتا يقول «وعليك السلام يا أبا عبد الله» فقال لى «أنت الذى تجيب» فقلت له «لا إن صاحب القبر هو الذى رد على سلامك ثم أخذنى فى الجهة اليمنى منه فسلم على كل قبر فرد كل صاحب قبر السلام ثلاث مرات ، فتعجب والدى من هذه الحالة الغريبة فعرض شكره وثناءه على الله سبحانه وتعالى ـ وهو ساجد».
وبناء على تحقيق أئمة السير أنه قد استشهد فى معركة أحد سبعون نفسا نفيسة فدفن أكثرهم فى ميدان المعركة فى أحد وبعضهم فى بقيع الغرقد وبعضهم فى داخل حصن المدينة.