بضربه عشرين سوطا » إلخ.
وقال ابن الهمام (١) في كتابه ( فتح القدير ) في كتاب الطلاق : « وأما وصفه فهو أبغض المباحات إلى الله تعالى ،على ما رواه أبو داود وابن ماجة عنه صلّى الله عليه وسلّم أنه قال : إن أبغض المباحات عند الله الطلاق ، فنص على إباحته وكونه مبغوضا ، وهو لا يستلزم ترتب لازم المكروه الشرعي إلاّ لو كان مكروها بالمعنى الاصطلاحي ، ولا يلزم ذلك من وصفه بالبغض إلاّ لو لم يصفه بالإباحة ، لكنه وصفه بها لأن أفعل التفضيل بعض ما أضيف إليه ، وغاية ما فيه أنه مبغوض إليه سبحانه وتعالى ولم يترتب عليه ما رتب على المكروه.
ودليل نفي الكراهة قوله تعالى : ( لا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ ما لَمْ تَمَسُّوهُنَ ) وطلاقه صلّى الله عليه وسلّم حفصة ، ثم أمر سبحانه وتعالى أن يراجعها فإنها صوامة قوامة. وبه يبطل قول القائلين : لا يباح إلا لكبر ، لطلاق سودة ، أو ريبة ، فإن طلاقه حفصة لم يقرن بواحد منهما.
وأما ماروي : لعن الله كلّ ذوّاق مطلاق ، فمحمله الطلاق بغير حاجة ، بدليل ماروي من قوله صلّى الله عليه وسلّم : أيّما امرأة اختلعت من زوجها بغير نشوز فعليها لعنة الله والملائكة والناس أجمعين. ولا يخفى أن كلامهم فيما سيأتي من التعاليل يصرح بأنه محظور ، لما فيه من كفران نعمة النكاح وللحديثين المذكورين وغيرهما ، وإنما أبيح للحاجة والحاجة ما ذكرنا في بيان سببه ، فبين الحكمين منهم تدافع.
__________________
(١) وهو : محمد بن عبد الواحد السيوطي المعروف بابن الهمام ، من أئمة الحنفية في الفقه والأصول وغيرهما. له : فتح القدير في شرح الهداية في الفقه ، والتحرير في أصول الفقه ، وغيرهما من المصنفات ، توفى سنة ٨٦١ توجد ترجمته في : الضوء اللامع ٨ / ١٢٧ ، الفوائد البهية في تراجم الحنفية ١٨٠ ، شذرات الذهب ٧ / ٢٨٩.