ولقد حاول ( الدهلوي ) أن يصرف ـ بأسلوب خدّاع ـ حديث السفينة عن مفاده الحقيقي ومعناه الواقعي ، فقال في تفسيره ( فتح العزيز ) تبعا للشيخ يعقوب الملتاني :
( حَمَلْناكُمْ فِي الْجارِيَةِ ) أي حملناكم في السفينة الجارية على ماء الطوفان ولم تغرق ، وبالرغم من اشتراك الجميع في العذاب فقد حفظناكم إذ كنتم في أصلاب المؤمنين ، ولقد جرت سفينتكم على مادة العذاب تلك ـ وهي ماء الطوفان ـ بسلام ، كما يجري المؤمنون من على الصراط المنصوب على جهنم يوم القيامة ( لِنَجْعَلَها لَكُمْ تَذْكِرَةً ) وهذا من فوائد ذلك ، أي : لنجعل السفينة لكم تذكرة ، فتصنعونها من الألواح الخشبية وتنتقلون بها من بلد إلى آخر ، وتركبون فيها متى خفتم من الغرق ، ويظهر لكم بالتأمل في ذلك أن الخلاص من ثقل الذنوب ـ التي تغرق صاحبها وترميه إلى قعر الهاوية ـ لا يمكن إلاّ عن طريق التوسل بالأشخاص الذين وصلوا إلى مرتبة أصبحوا بها ظرف ألطف اللطفاء ، نظير الظرف الخشبي الذي يملؤه الهواء اللطيف ، فلا بدّ من السعي ـ كيفما كان ـ حتى نجعل أنفسنا في هذه الظروف لتشملنا بركة ذاك اللطيف ـ وهو مظروفها ـ ونتخلّص من ثقل الذنوب على أثر الاتحاد بين الظرف واللطيف المظروف.
ولما كانت الظروف اللطيفة نادرة الوجود في كلّ عصر ، فلا بدّ من الطلب