قال : والدنيا كلها أطبقت بالماء ولا يرى فيها جبل ولا حجر ولا شجر ، وكان الماء قد علا أعلى الجبال أربعين ذراعا ، وسارت السفينة حتى وقعت ببيت المقدس ثم وقفت وقالت : يا نوح هذا البيت المقدس الذي يسكنه الأنبياء من ولدك عليهمالسلام. ثم كرّت راجعة حتى صارت موضع الكعبة ، وطافت سبعا ، ونطقت بالتلبية فلبّى نوح ومن معه في السفينة ، وكانت لا تقف في موضع إلاّ تناديه وتقول : يا نوح هذه بقعة كذا ، وهذا جبل كذا وكذا ، حتى طافت بنوح الشرق والغرب ، ثم كرّت راجعة إلى ديار قومه وقالت : يا نوح يا نبي الله ، ألا تسمع صلصلة السلاسل في أعناق قومك ( مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا ناراً فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْصاراً ) (١).
قال : « ولم تزل السفينة كذا ستة أشهر أوّلها رجب وآخرها ذي الحجة » (٢).
ولقد كان أهل بيت نبيّنا عليه وعليهم الصلاة والسلام السبب الحقيقي لحركة سفينة نوح ونجاة أهلها من الغرق والهلاك ، كما جاء في حديث رواه الحافظ محب الدين محمد بن محمود بن النجار البغدادي المترجم له ببالغ الثناء والتعظيم في تذكرة الحفاظ ٤ / ٢١٢ والعبر ٥ / ١٨٠ وفوات الوفيات ٢ / ٥٢٢ والوافي بالوفيات ٥ / ٩ ومرآة الجنان ٤ / ١١١ وطبقات السبكي ٥ / ٤١ وطبقات الأسنوي ٢ / ٥٠٢
__________________
(١) سورة نوح : ٢٥.
(٢) قصص الأنبياء للكسائي ـ مخطوط ، ومحمد بن عبد الله الكسائي من علماء القرن الخامس الهجري وكتاب « بدء الدنيا وقصص الأنبياء لمحمد بن عبد الله الكسائي منه نسخة في دار الكتب الظاهرية بدمشق أولها : هذا كتاب فيه قصص الأنبياء ... قال الامام محمد بن عبد الله الكسائي : هذا كتاب جمعته في خلق السموات والأرض وخلق الجن والانس وأحوال الأنبياء على قدر ما وقع لي من أخبارهم واتصل لي من ابتدائهم واجتهدت وتخيرت ما اقترب منها وألقيت ما بعد ... » انظر فهرس مخطوطات دار الكتب الظاهرية التاريخ وملحقاته ١٢٣ فما في كشف الظنون من نسبته الى علي بن حمزة الكسائي المشهور سهو.