المتأولين واحتمالات المتعصبين أدراج الرياح.
ثم إن هذا الحديث الذي نسبوه إلى الحسن المثنى ـ لو سلّم صدقه وجواز الاستدلال به ـ يعارضه ما رووه عن حفيده ( محمد بن عبد الله بن الحسن المثنى ). فقد ذكر فخر الدين الرازي بتفسير قوله تعالى : ( وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ ) ما نصه : « تمسّك محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن ابن علي بن أبي طالب فقال : قوله تعالى : ( وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ ) يدلّ على ثبوت الأولوية ، وليس في الآية شيء معيّن في ثبوت هذه الأولوية ، فوجب حمله على الكلّ إلاّ ما خصّه الدليل ، وحينئذ يندرج فيه الامامة. ولا يجوز أن يقال : إن أبا بكر كان من أولي الأرحام ، لما نقل أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم أعطاه سورة براءة ليبلّغها إلى القوم ثم بعث عليا خلفه ، وأمر بأن يكون المبلّغ هو علي وقال : لا يؤدّيها إلاّ رجل مني. وذلك يدل على أن أبا بكر ما كان منه. فهذا وجه الاستدلال بهذه الآية » (١).
لكنّ ما نسبوه إلى الحسن مكذوب عليه قطعا ، ولا يجوز الاستدلال به البتّة ...
وقال أبو العباس المبرد : « ونحن ذاكرون الرسائل بين أمير المؤمنين المنصور وبين محمد بن عبد الله بن حسن العلوي ، كما وعدنا في أول الكتاب. ونختصر ما يجوز ذكره منه ونمسك عن الباقي ، فقد قيل الراوية أحد الشاتمين. قال : لمّا خرج محمد بن عبد الله على المنصور كتب إليه المنصور :
بسم الله الرحمن الرحيم ـ من عبد الله أمير المؤمنين إلى محمد بن عبد الله أما بعد : فـ ( إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ
__________________
(١) تفسير الرازي ١٥ / ٢١٣.