أنكر الحديث وكذّبه من أهل العصبية والعناد.
فثبت إلى الآن : استشهاد الامام عليهالسلام جماعة من الصحابة على حديث الغدير ، فمنهم من شهد ومنهم من كتم ـ وبهذا بطلت مناقشات ابن روزبهان والفخر الرازي في نهاية العقول ـ ، وثبت أن هذا الاستشهاد كان على أمر عظيم جليل أنكره أكثر الصحابة وهو ليس إلاّ الخلافة ، إذ لو كان غيرها لما أنكروه ولما كتم الشهادة به من كتم.
ويشهد بما ذكرنا : اعتراف الحلبي بأن الامام عليهالسلام قد احتج بحديث الغدير ردّا على من نازعه في الخلافة ، وهذا نص كلامه : « وعلى تسليم أن المراد أنه أولى بالامامة ، فالمراد في المآل لا في الحال ، وإلاّ لكان هو الامام مع وجوده صلّى الله عليه وسلّم ، والمآل لم يعين له وقت ، فمن أين أنه عقب وفاته صلّى الله عليه وسلّم؟ جاز أن يكون بعد أن تنعقد له البيعة ويصير خليفة. ويدل لذلك أنه لم يحتج بذلك إلاّ بعد أن آلت إليه الخلافة ردّا على من نازعه فيها كما تقدم ، فسكوته عن الاحتجاج بذلك إلى أيام خلافته قاض على كلّ من له أدنى عقل فضلا عن فهم بأنه لا نص في ذلك على إمامته » (١).
وكلام الحلبي ـ وإن كان يتضمن اعترافا بالحق كما ذكرنا ـ يشتمل على مزاعم واضحة البطلان :
( فالأولى ) قوله : « فالمراد في المآل لا في الحال والا لكان هو الامام مع وجوده ... » وهذا باطل لعدم وجود قيد في الحديث يقتضى ذلك ، بل الحديث الشريف مطلق ، فالمعنى : من كنت مولاه فعلي أولى منه بالامامة. وهذا
__________________
(١) السيرة الحلبية ٣ / ٣٣٨.