فالافصاح قد تحقق بأحسن ما يمكن وأتم ما يرام ، وبطلت شبهات المنكرين ووساوس الشياطين.
والخلاصة : إنه متى أفاد الكلام ـ ولو بلحاظ القرائن ـ المعنى المطلوب فقد تمّت به الحجة وكملت النعمة ، وكان نصا قطعيا ثابتا لا يعتريه ريب ، ولا تمنع عن دلالته الاحتمالات البعيدة التي يبديها المتعصبون ، لأنه لو جاز الإصغاء إلى تلك الاحتمالات البعيدة التي يذكرها بعض أهل السنة حول مفاد حديث الغدير ، لم يبق مصداق للنص ، ولسقطت جميع النصوص عن الدلالة حتى أمثال « ( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) » و« محمد رسول الله ».
قال الغزالي : « ولو شرط في النص انحسام الاحتمالات البعيدة ـ كما قال بعض أصحابنا ـ لم يتصوّر لفظ صريح ، وما عدّوه من الآيات والأخبار يتطرق إليها احتمالات ، فقوله : ( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) يعني آله الناس دون الجن ، وقوله : محمد رسول الله أي محمد؟ وإلى أي إقليم؟ وفي أي زمان؟ وقوله : يجزي عنك أي يثاب عليه ، وقوله : ان اعترفت فارجمها. أي إذا لم تتب. فهذه احتمالات بعيدة تتطرق إليها » (١).
وبالرغم من أن أهل السنة ينسبون هذا الكلام إلى الحسن المثنى للرد به على المذهب الحق بزعمهم ، إلاّ أنه يظهر بالتأمل تأييده للحق بوجوه عديدة :
( الأول ) : إنه يفيد أن عبارة « يا أيها الناس إن عليا والي أمركم من بعدي والقائم في الناس » نص صريح في الامامة والخلافة ، كنصوصه الواردة في الصلاة والزكاة والصيام والحج ، فكانت تلك العبارة واضحة الدلالة بالنصوصية على خلافة علي عليهالسلام ، مثل عباراته الواردة في الصلاة والزكاة وغيرهما من الواجبات الدينية ، ولا يكون في دلالتها قصور أو التباس أو إبهام.
__________________
(١) المنخول في علم الأصول : ١٨٤.