لأن الوجه الذي يمكن لأهل الإسلام إلزام منكري نبوّة الرسول محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم هو البشارات الدالة على نبوّته في كتب الملل السابقة ، فإن هذه البشارات التي استخرجها علماء الإسلام من تلك الكتب لا مناص للمخالفين من قبولها ، لأنها مستخرجة من كتبهم وواضحة الدلالة على نبوة خاتم النبيين صلىاللهعليهوآلهوسلم أجمعين.
وحينئذ نقول : إذا جاز لأهل السنّة تأويل حديث الغدير وحمله على الامامة الباطنية لجاز لأهل الكتاب تأويل ما يدلّ على نبوّة رسول الإسلام ، وحمله على الرفعة وهو المعنى اللغوي للّفظ ، وبذلك يمتنع إلزامهم بما ورد في كتبهم ، وينسد طريق البحث معهم ، وهدايتهم إلى الدين الحق وخاتمة الشرائع السماوية.
فيكون حمل إمامة أمير المؤمنين عليهالسلام على الامامة في التصوّف ، مثل حمل منكري الإسلام نبوة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم على النبوة بالمعنى اللغوي لا المعنى المصطلح ، وكما أن هذا باطل فكذلك ذاك.
وحمل « الامامة » التي يدل عليها حديث الغدير على الامامة الباطنية التي يقول بها الصوفية يتفرّع على كون أمير المؤمنين عليهالسلام من الصوفية. وقد أنكر الحافظ ابن الجوزي أن يكون هو عليهالسلام وسائر الصحابة من الصوفية ، واستنكر على أبي نعيم الاصبهاني ذكره إياهم في الصوفية حيث قال « وجاء أبو نعيم الاصفهاني فصنّف لهم [ الصوفية ] كتاب الحلية ، وذكر في حدود التصوّف أشياء