وما جاء في هذا الحديث من أنه « لو كان الأمر كما تقولون ... فإن عليا أعظم الناس خطيئة وجرما إذ ترك أمر رسول الله ... » فرية أخرى على الحسن المثنى ، فإن هذا الكلام من عجائب الخرافات ، لأن أمير المؤمنين عليهالسلام قد طالب بحقه مرارا ، وامتنع عن البيعة مع أبي بكر ، فلما لم يعط عليهالسلام حقه ولم يعنه الناس على قيامه على الظالمين بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فما ذنبه؟!
ويكون هذا الكلام في البطلان كما لو قال المنكرون لنبوة الأنبياء في حق الأنبياء الذين ظلموا ، واستشهدوا على أيدي الأمم السالفة ، ولم يتمكنوا من إنفاذ الشرائع السماوية : أنه لو كانوا أنبياء الله حقا فإنهم أعظم الناس خطيئة ، لعدم قيامهم بما بعثهم الله عليه ...
وقال ابن حجر المكي : « تنبيه ـ استدل أهل السنة بمقاتلة علي لمن خالفوه من أهل الجمل والخوارج وأهل صفين مع كثرتهم ، وبإمساكه عن مقاتلة المبايعين لأبي بكر والمستخلفين له ، مع عدم إحضارهم لعلي رضياللهعنه وعدم مشاورتهم له في ذلك ، مع أنه ابن عم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وزوج بنته رضي الله عنها ، والمحبو منها بمزايا ومناقب لا توجد في غيره ، ومع كونه الشجاع القرم والعالم الذي يلقي كل منهم إلى علمه السلم ، والفائق لهم في ذلك ، المحتمل عنهم مشقة القتال في أوعر المسالك ، وبإمساكه أيضا عن مقاتلة عمر المستخلف له أبي بكر ولم يستخلف عليا كرم الله وجهه ، وعن مقاتلة أهل الشورى ثم ابن عوف المنحصر أمرها فيه باستخلافه لعثمان ، على أنه لم يكن عنده علم ولا ظن بأنه صلّى الله عليه وسلّم عهد له صريحا ولا إيماء بالخلافة ، وإلاّ لم يجز له عند أحد من المسلمين السكوت على ذلك ، لما يترتب عليه من المفاسد التي لا تتدارك ، لأنه إذا كان خليفة بالنص ثم مكّن غيره من الخلافة ذلك الغير باطلة وأحكامها كلها