كذلك ، فيكون إثم ذلك كله على علي كرم الله وجهه ، وحاشاه من ذلك.
وزعم أنه إنما سكت لكونه كان مغلوبا على أمره. يبطله أنه كان يمكنه أن يعلمهم باللسان ليبرأ من آثام تبعة ذلك ، ولا يتوهم أحد أنه لو قال : عهد إلى رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم بالخلافة فإن أعطيتموني حقي وإلاّ صبرت أنه يحصل له بسبب هذا الكلام لوم من أحد من الصحابة بوجه وإن كان أضعفهم ، فإذا لم يقل ذلك كان سكوته عنه صريحا في أنه لا عهد عنده ولا وصية إليه بشيء من أمور الخلافة ، فيبطل ادعاء كونه مغلوبا » (١).
أقول : فإذا كان إعلام الصحابة بالنص كافيا لأن يبرأ عليه الصلاة والسلام من الآثام المترتبة على السكوت ، فإن الامام قد أعلم المتغلبين بوجود النصوص النبوية بشأن إمامته وخلافته ، كما تقدم نموذج ذلك من رواية الواحدي وأسعد الاربلي وسيجيء الباقي فيما بعد ان شاء الله تعالى ، وقد برأ عليه الصلاة والسلام ـ حسب كلام ابن حجر ـ من تبعات الآثام ، وبذلك يظهر بطلان هذا الكلام المنسوب إلى الحسن المثنى.
ثم إن ما جاء في هذا الحديث من قوله : « أما والله لو يعني رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بذلك الأمر والسلطان والقيام على الناس لأفصح به ... » تبطله الوجوه العديدة التي أقمناها سابقا على دلالة حديث الغدير على إمامته عليهالسلام بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولقد بلغت دلالة الحديث على ذلك مبلغا جعلت حسان بن ثابت يفصح عن معنى هذا الحديث عن لسان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وفي حضوره مع تقريره لكلامه فيقول : « رضيتك من بعدي إماما وهاديا » ... ولم نجد أحدا من الصحابة ينكر عليه هذا القول ...
__________________
(١) تطهير الجنان واللسان عن الخطور والتفوه بثلب معاوية بن أبي سفيان ـ هامش الصواعق ٨٤.