يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ) (آل عمران : ١٤٢) (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ عَلى حَرْفٍ فَإِنْ أَصابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلى وَجْهِهِ ، خَسِرَ الدُّنْيا وَالْآخِرَةَ ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ) (الحج : ١١) ، والمولى ، علام الغيوب ، يعلم منذ الأزل الإيمان المزيف من الإيمان الصادق ، إنما تأبى عدالته إلا أن يشهد الإنسان على صدق أو كذب إيمانه من خلال المصيبة الاختبار حتى لا يكون له أية حجة يوم الدين.
٢ ـ المصيبة كغفران
وقد يتساءل المرء في نفسه : ولما ذا يبتلى المؤمن الصادق في إيمانه ما دام المولى يعلم صدق إيمانه؟ ربما ، والله أعلم ، لأن المؤمن الصادق يبتلى بلاء تكفير عن ذنوب وأخطاء سابقة : (وَلَوْ يُؤاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِما كَسَبُوا ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ وَلكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى). (وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ ما زَكى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلكِنَّ اللهَ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ) ، كما وأن المؤمن الصادق يبتلى بلاء تدليل وشهادة وتبيان ، للغير على صبره وصلابة وصدق إيمانه ، فالرسل والأنبياء والصالحون هم في طليعة المبتلين بالمصائب ليكونوا المثل الأعلى للناس في الشهادة على صدق الإيمان والصبر والتزامهم بما جاء في القرآن الكريم : (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَراتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ. أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) (البقرة : ١٥٥ ـ ١٥٧). (لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذىً كَثِيراً وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ). (آل عمران : ١٨٦).
ولقد وجدنا ، حسب خبرتنا المهنية المتواضعة ، أن المؤمنين الحقيقيين ، وهم القلة النادرة ، ليسوا فقط صابرين على ما أصابهم من بلايا ،