بل في منتهى الراحة النفسية ونكاد نقول السعادة ، ف (الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) يبتلي المؤمن الحق على قدر احتماله وطاقته النفسية ، ويغفر له ويجزيه عن كل ما ابتلي به في هذه الدنيا أجمل الجزاء يوم الحساب. وروي عن الرسول الكريم قوله : «ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله حتى يلقى الله تعالى وما عليه خطيئة» (الترمذي). وروى الترمذي عن علي رضي الله عنه قال «ألا أخبركم بأفضل آية في كتاب الله حدثنا بها رسول الله صلىاللهعليهوسلم (وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ) قال وسأفسرها لك يا علي : ما أصابكم من مرض أو عقوبة أو بلاء في الدنيا فبما كسبت أيديكم ، والله أكرم من أن يثني عليكم العقوبة في الآخرة ، وما عفا الله تعالى عنه في الدنيا فالله أكرم من أن يعود بعد عفوه».
٣ ـ المصيبة كجزاء
(فَكُلًّا أَخَذْنا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِ حاصِباً وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنا وَما كانَ اللهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) (العنكبوت : ٤٠). وروي عن الرسول الكريم قوله : «إن الله ليملي للظالم فإذا أخذه لم يفلته» ثم قرأ (وَكَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرى وَهِيَ ظالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ). والمعنى الثالث للمصيبة أنها قد تكون جزاء عن أعمال غير صالحة قام بها الإنسان أو الجماعات. فالمولى يمهل ولا يمهل ، والظالم لا بد أن يلقى جزاء أعماله في الدنيا والآخرة (وَيَتُوبُ اللهُ عَلى مَنْ يَشاءُ). وكل مسيء وظالم في هذه الدنيا يقرّ علنا أو ضمنا في قرارة نفسه بأن ما أصابه من مصائب في هذه الدنيا إن هو إلا الجزاء العادل بل الرحيم لما اقترفت يداه ، وإن أنكر هذه الحقيقة في العلن وبين الناس.