علماء الحديث أن التعبير بـ : حدثنا ، انما يختص بما إذا كان الراوي يتلقى الحديث ضمن مجموعة من الرواة عن الشيخ ، وليس وحده ، وانما له ان يعبر بـ « حدثني ، إذا كان متحملاً عن الشيخ وحده ولم يكن معه غيره ، فتعبير الصدوق بحدثنا في الرواية عن ابيه انما يدل على ان الشيخ ابن بابويه إنما كان يلقي رواياته على الرواة بشكل دروس جماعية يشترك فيها ابنه ، دون أن يخص الابن بإسماعه الروايات ، ولذا قلما نجد رواية الصدوق عن أبيه معبراً بقوله : حدثني أبي ، ، وقد عثرنا على موارد قليلة جداً من هذا التعبير في كتب الصدوق ، منها : معاني الأخبار ـ طبع إيران ـ (ص) (٥٤) الحديث (١) . كمال الدين (ص ٢٩٣) و (٤٩٧) ويلاحظ (ص) ٤٩٣) و (٤٩٠) . والتوحيد ـ طبع إيران ـ (ص) (٢۸۵) الحديث (٣) ، وثواب الأعمال الحديث الأول ، وكذا عقاب الأعمال ، وكلاهما من طبع طهران ، وعلل الشرائع (ج ٢ ص ١٤٤) .
والملاحظ قلة هذه الموارد ، بحيث تكون في كل كتاب مورداً أو موردين وهذا مما يدعو إلى التشكيك في صحة النسخ التي أثبتت هذا التعبير ، ومن الممكن أن يكون ذلك ناشئاً من مسامحة الناسخين وعدم تمييزهم بين ( حدثنا ) وعلى كل حال ، فإن تفسيرنا لهذه الظاهرة هو ان الشيخ الوالد كان كبير السن جداً ، عند بلوغ الابن العمر الذي يصح له فيه تحمل الحديث فانه على فرض ولادته سنة (٣٠٦) فانه يبلغ سن البلوغ الشرعي الذي يصح معه تحمل الحديث بالسماع ، في سنة (٣٢۱) وعمر الشيخ الوالد في هذه السنة هو (٩۱) على فرض ولادته في (٢٣۰) ومن المعلوم ـ في هذه السن العالية وفي مقام الأب السامي ـ أن من غير الممكن أن يتفرغ الأب لالقاء الروايات بصورة خاصة إلى إبنه ، وإنما الظن القوي على أن الأب كان يقوم بمهمة التبليغ واداء رسالته العلمية على مدى واسع ، فيلقي الروايات على الملأ العام ، والجماعة كبيرة من الرواة والتلامذة والابن يحضر ـ كواحد منهم ـ للأخذ من الشيخ الوالد .
ويمكن أن نفسر الموارد التي ورد فيها التعبير بـ : حدثني أبي ، على أساس أن .