عند كل أهل عصر لثلا تقسو ـ بطول أجل يضربه الله ـ قلوب ، تستبطأ ـ في استعمال سَيِّئَةٍ وفاحِشَةٍ ـ مَوْعِدَةُ عِقاب ، وليكون كُل عامل. على أهبة ، ويكون من وَرَاءِ أعمال الخيراتِ أُمْنِيَةٌ ، وَمِنْ وَرَاء أَهْل الخطايا والسيئات خشية وردعةٌ ، وَلِيَدْفَعَ الله بعضاً ببعض .
والسنة القديمة على هذا قَوْلُ رَسول الله صلىاللهعليهوآله في أمر الساعة ، حينَ أَنْذَرَ قومَهُ : ( صَبْحَتْكُم الساعة ، مستكم الساعة ) ( بُعِثْتُ أنا والساعة ، كهذه من هذه (۱) فلولا ما أراد من المدافعة وتقريب المدة على عامل الخير والشر والثواب والعقاب ، لَعَلَّمَ ـ صلىاللهعليهوآله ـ أن ما جَرَتْ اليه الأمة الضالة دون وقوع الساعة ، وأن ما وَعَدَه الله ـ في أهل بيته ـ من إظهارهم على الدينِ كُلِّهِ ، قبل حدوثها ، يَكُونُ .
وعلى هذا مَضَتْ الرسل ، ودَرَجَ الأخيار ، كل يُقرب القيامة ويُدني الساعة ، ويُبَشِّر بسرعة المجازاة على العقاب والثواب .
ولو كان الخبر عن كل شيء بحقيقته مُقَدِّماً والأجل في كل مُدَّةٍ مضروباً ممهداً ، لكان حق الرسالة وفرض البلاغة على عيسى عليهالسلام أَنْ يَأْمُرَ مَنْ يَعْلَمُ أَنَّه يبلُغُ زَمَن رسول الله صلىاللهعليهوآله أن يقتصر على ما يعهده في أيامه ، ثقة بأن شريعته تنسخ الشرائع ، وعلماً بأنه خير النبيين
__________________
(۱) هاتان روایتان ، وردت الثانية في كنز العمال ج ١٤ ص (١٩٥) برقم (٣٨٣٥٠) وما يليه ، مع ذيل ، وفي ضمن رواية في بحار الأنوار ج ٢ ص (٣۰۱) برقم (٣۱) عن امالي الطوسي بسنده عن الأئمة الى الامام الباقر عليهالسلام عن جابر يصف خطبة النبي صلىاللهعليهوآله واذا ذكر الساعة يقول : صبحتكم الساعة أو مستكم ، ثم يقول : بعثت انا والساعة الخ وانظر الحديث بسند آخر في كشف الغمة للأربلي (ج ٢ ص ١٦٣) ...