قصب السبق وشرف التقدّم على من بعده ، وكان ذلك الكتاب في جميع الأعصار أصلاً ترجع الشيعة إليه وتعول عليه ، حتّى روي في حقّه عن الصادق عليهالسلام أنّه قال : ومن لم يكن عنده من شيعتنا ومحبيّنا كتاب سليم بن قيس الهلاليّ فليس عنده من أمرنا شيء
________________________
يحصى عدده غير خالقهم رب العالمين ، فأول من سبق في ذلك في عصر النبي صلى الله عليه وآله مولاهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فكان يلازم النبى صلى الله عليه وآله لزوم الظل لذيه فعلمه صلى الله عليه وآله ألف باب من الحكمة ، وأملى عليه من نواميس الاسلام وأحكامه وفروضه وسننه ومعارفه ما يحتاج الناس إليه في معاشهم ومعادهم فدون عليه السلام بخط يده في حياته صلى الله عليه وآله مما أملى عليه كتاب الاحكام والسنن ، وفيه كل حلال وحرام حتى أرش الخدش ، وهو المسمى بالصحيفة الجامعة ، وقد نقل البخاري في صحيحه في باب كتابة العلم ، وباب فكاك الاسير وباب إثم من عاهد ثم غدر وباب إثم من تبرء من مواليه ، وباب العاقلة ، وباب لا يقتل المسلم بالكافر عنه ، وصنف كتاباً في الديات يسمى بالصحيفة وكتاب الفرائض ، أخرجه الصدوق بتمامه في من لا يحضره الفقيه ج ٢ ص ٢٢١ ـ ٢٣٠ وشيخ الطائفة في التهذيب ج ٢ باب ديات الشجاج وأدرجه ثقة الاسلام في أبواب الديات من كتابه الكافي ، ودوّن أحاديث الجفر والجامعة و أحاديث مصحف فاطمة عليها السلام وغيرها ، وأملى على شيعته القواعد الكلية التي يستخرج منها أنواع العلوم ، وعلمهم من اصول المعارف وفروعها وعلوم العربية وفنونها وأنحاء علوم القرآن ونهج البلاغة وطرقها والطب والسياسات والخطب والمواعظ والزواجر وغيرها شيئاً كثيراً بحيث تنسب إليه جميع العلوم ، وكان مع ذلك يقول : « إن ههنا ـ وأشار إلى صدره ـ لعلماً جماً لو أصبت له حملة » . أضف إلى ذلك كله أنه كان كاتب الوحي في حياة الرسول صلى الله عليه وآله باجماع الامة وجامع القرآن بعد وفاته .
ثم اقتدت به عليه السلام شيعته ومتابعوه من طبقة الصحابة والتابعين كعبد الله بن عباس ، وسلمان وأبي ذر وجابر بن عبد الله الانصارى ، وأبي رافع القبطي مولى رسول الله صلى عليه وآله من الصحابة وأبي الاسود الدوئلي وعبيد الله وعلى ابني رافع وسليم بن قيس المترجم وأصبغ بن نباتة والحارث ابن عبد الله الاعور الهمداني وميثم التمار وعبيد الله بن حر الجعفي وربيعة بن سميع وزيد بن وهب الجهني ويعلى بن مرة وسعيد بن جبير بن هشام الاسدي ، وسعيد بن المسيب وغيرهم من التابعين فصنفوا في العلوم الاسلامية مثل التفسير وعلوم القرآن والحديث والفقه والرجال واصول المعارف وأخبار المغازي والسير والتواريخ والنحو واللغة والخطب والعهود والوصايا كتباً عديدة ممتعة ، يوجد ذكر بعضها في كتب الفهارس ، وأفرد العلامة صدر الدين في كتابه تأسيس الشيعة وكتابه الشيعة وفنون الاسلام في اثبات تقدم الشيعة في جميع العلوم وبيان تصنيفاتهم فيها في كل عصر وطبقة ونحن أوعزنا سابقا إلى تقدمهم في علم الحديث وأشرنا الى ما ألفوا فيه في كل عصر وطبقة اجمالا في مقدمتنا على كتاب وسائل الشيعة .