والعيوب اُورده ، ولعلَّ فيما يورده كثير من المتعارضات أو فيما تركه وطرحه إلحاقُّ الحقيق بالمذهب (١) .
وأمّا ما نجد في بياناته قدّس سرّه من توجيه الروايات المتعارضة ، وتأويلها ورفع التخالف عمّا بينها ، فليس ذلك حكماً منه بصحّة الحديث وقبوله ، فانَّ هذا شأن كلّ جامع من الجوامع الحديثيّة ، سيرة متّبعة بين الفريقين السلف منهم والخلف (٢) وذلك لأنَّ شأن الجامع المحدّث الاستقصاء والتتبّع وتأييد الأحاديث مهما أمكن بالجمع والتأويل ، وأما قبول الرواية والاعتقاد بها ، فكلُّ محقّق ونظره الثاقب ، فلعلّه يرضى بهذا الجمع والتأويل ، أو يوجّهه ويؤوِّله بوجه آخر ، أو يطرحه ، فيكون بيان الحديث وتوجيهه من باب هداية الطريق والنصح ليس إلّا .
وهكذا الكلام فيما ينقد على الكتاب من اشتماله على أخبار ضعاف لا يوجب علماً ولا عملاً فانَّ هذا شأن كلّ جامع من الجوامع الحديثيّة ، ترى فيها الضعاف والحسان والصحاح . فهذه الكتب الأربعة مع اشتهارها وتواترها ، يوجد فيها آلاف من الأحاديث لا يحتجُّ بها : إمّا لضعفها أو مخالفتها للاصول والمباني ، أو إعراض
________________________
(١) وبذلك ينقد على أصحاب الصحاح من جوامع الحديث ، حيث أوردوا في كتبهم ما كان صحيحاً موافقاً للمذهب بزعمهم وأسقطوا ما كان سقيماً مخالفاً لرأيهم تحكماً منهم ، فأوجب هذا أن يكون سائر العلماء والمحققين تبعاً لهم في معرفة المباني والاصول ، و خصوصاً عند ما يصير صحاحهم ! رائجة عند الناس يتلقى بالقبول تصير سائر المصادر والروايات مطعوناً فيها من دون وجه ، حتى أن الحاكم ابن البيع ينادى من وراء الشيخين ويستدرك عليهما أحاديث كثيرة على شرطهما ، فلا يصغى اليه .
(٢) ولذلك ترى الشيخ الطوسي يقول في مقدمة كتابه التهذيب ( الذي ألفه لايراد الاخبار المخالفة للمذهب ثم البحث عنها ) : « ومهما تمكنت من تأويل بعض الاحاديث من غير أن أطعن في اسنادها فانى لا أتعداه » .