متظلماً منك إن شاء الله .
فلما قرأوا الكتاب فزعوا وغضبوا ورجعوا إلى المدينة ، فجمعوا علياً وطلحة والزبير وسعداً ومن كان من أصحاب النبي ( ص ) ثم فكّوا الكتاب بمحضرٍ منهم وأخبروهم بقصة الغلام وأقرأوهم الكتاب ، فلم يبق أحد من أهل المدينة إلا حنق على عثمان ، وزاد ذلك من كان غضِبَ لابن مسعود وعمار بن ياسر وأبي ذر حنقاً وغيظاً ، وقام أصحاب النبي ( ص ) بمنازلهم ما منهم أحدٌ إلا وهو مغتم لما في الكتاب .
وحاصر الناسُ عثمان ، وأجلب عليه محمد بن أبي بكر ببني تيم وغيرهم ، وأعانه على ذلك طلحة بن عبيد الله ، وكانت عائشة تقرصه كثيراً ، ودخل علي وطلحة والزبير وسعد وعمار في نفرٍ من أصحاب محمد ( ص ) كلهم بدريٌّ على عثمان ، ومع علي الكتاب والغلام والبعير ، فقال له علي : هذا الغلام غلامك ؟ قال : نعم . قال : والبعير بعيرك ؟ قال : نعم . قال : وأنت كتبت هذا الكتاب ؟ قال : لا ، وحلف بالله : ما كتبتُ هذا الكتاب ولا أمرتُ به ، ولا وجهتُ هذا الغلام إلى مصر قط (١) ! .
وجاء في تأريخ الطبري : قالوا : ما أنت إلا صادق أو كاذب ، فإن كنت كاذباً فقد استحققت الخلع لما أمرت به من سفك دمائنا بغير حقها ، وإن كنت صادقاً فقد استحققت أن تُخلع لضعفك وغفلتك وخُبث بطانتك ، لأنه لا ينبغي أن نترك على رقابنا من يُقتطع مثل هذا الأمر دونه لضعفه وغفلته ، وقالوا له : إنك ضربت رجالاً من أصحاب النبي ( ص ) وغيرهم حين يَعِظونك ويأمرونك بمراجعة الحقّ عندما يستنكرون من أعمالك ، فأقِدْ من نفسك من ضربته وأنت له ظالم ، فقال : الإِمامُ يخطىءُ ويصيب ، فلا أقيدُ من نفسي لأني لو اقدتُ كلّ من أصبته بخطأٍ آتي على نفسي . قالوا : انك قد أحدثت أحداثاً عظاماً فاستحققتَ بها الخلع . . الخ (٢) . ورجع عليٌّ وبعض من كان
__________________
(١) الغدير ٩ / ١٨١ .
(٢) الطبري ٤ / ٣٧٥ .