أقتلك ! فأقبل نحوه ، فخرج إليه كيسان مولى علي ( ع ) ، فاختلفا ضربتين ، فقتله أحمر ، وخالط علياً ليضربه بالسيف ، وينتهزه علي فتقع يده في جيب درعه ، فجذبه عن فرسه فحمله على عاتقه ، فوالله لكأني أنظر إلى رجلي أحمر تختلفان على عنق علي ، ثم ضرب به الأرض فكسر منكبيه وعضديه ، وشد إبنا علي محمدٌ وحسينٌ فضرباه بأسيافهما حتى برد فكأني أنظر إلى علي قائماً وشبلاه يضربان الرجل حتى إذا أتيا عليه ، أقبلا إلى أبيهما والحسن قائم معه ، فقال له علي : يا بني ، ما منعك أن تفعل كما فعل أخواك ؟ فقال كفياني يا أمير المؤمنين .
قال : ثم أن أهل الشام دنوا منه يريدونه ! والله ما يزيدهم قربهم منه ودنوهم إليه سرعةً في مشيته ، فقال له الحسن ( ع ) : ما ضرّك لو أسرعت حتى تنتهي إلى الذين صبروا لعدوك من أصحابك ؟ فقال علي ( ع ) : يا بُنَيّ ، إن لأبيك يوماً لن يعدوه ولا يبطىء به عن السعي ، ولا يقربه إليه الوقوف ، إن أباك لا يبالي إن وقع على الموت أو وقع الموت عليه .
لا هروب من القدر !!
قال أبو إسحاق : وخرج علي ( ع ) يوماً من أيام صفين وفي يده رُمحٌ صغير ، فمرَّ على سعيد بن قيس الهمداني ، فقال له سعيد : أما تخشى يا أمير المؤمنين أن يغتالك أحد وأنت قرب عدوك ؟! فقال علي ( ع ) إنه ليس من أحد إلا وعليه من الله حَفَظَةٌ يحفوظونه من أن يتردّىٰ في قَلِيب (١) ، أو يخِرّ عليه حائط ، أو تصيبه آفةٌ ، فإذا جاء القدر ، خلّوا بينَه وبينَه .
شجاعة الأشتر وتحريضه
وكان بيد الأشتر يومئذٍ صفيحةٌ يمانيةٌ ، إذا طأطأها خِلْتَ فيها ماءً ينصَبّ ، وإذا رفعها يكاد يغشي البصر شعاعُها ، ومرّ يضرب الناس بها قِدماً ويقول :
__________________
(١) القليب : البئر .