وكون المكلف مريدا لما عرض لفعله النفع (١) كاف عن كونه مريدا للنفع في حال التعريض لأن من عرض ولده للتعليم ليستحق المدح والتعظيم يكفي في حسن تعريضه كونه مريدا التعليم ما أجري به إليه من المدح والتعظيم بل لا يحسن إرادتهما في حال التعريض لكونهما غير مستحقين في تلك الحال ولهذا قلنا إنه سبحانه مريد للتكليف في حال الأمر به أو إيجابه عقلا دون ما هو وصله إليه من الثواب لقبح إرادة ثواب التكليف في تلك الحال ولأن الثواب متأخر عن التكليف وكونه تعالى مريدا للشيء قبل حدوثه لا يصح لكون الإرادة الواقعة على هذا الوجه عزما يستحيل عليه تعالى.
وليس لأحد أن يقول إن إعلام المكلف وجوب الواجب وقبح القبيح يغني عن (٢) كونه مريدا.
لأن ذلك يقتضي كونه معرضا لما أعلم وجوبه وإن كره فعله وذلك فاسد ولأن أحدنا قد يعلم غيره وجوب واجبات وقبح أشياء ولا يكون معرضا لأحدهما إلا بكونه مريدا.
والدلالة على الشرط الثالث أن التعريض بسلوك طريق إلى مصر لا يوصل إليه منه على حال ليصل إليه قبيح.
وهذه الشروط أجمع ثابتة في تكليفه تعالى لأنه مريد لما كلفه حسب ما دللنا عليه والمكلف قادر على ما كلفه معلوم من حاله وصوله (٣) إلى ما عرض له من الثواب بامتثاله ما كلفه حسب ما دللنا عليه وذلك يقتضي حسن التكليف وإذا ثبت حسن التكليف.
__________________
(١) في النسخة : « للنفع ».
(٢) في النسخة : « أنّ ».
(٣) في النسخة : « ووصوله ».