استثناؤها يقتضي استثناء المنازل الثابتة بها وإلا لم يكن في كلام النبي صلى الله عليه وآله وسلم فائدة لأنه لا يبقى شيء من منازل هارون يصح إثباته لعلي عليه السلام حسب ما تضمنه لفظ النبي ودل منه على مراده وذلك مما لا يصح وصفه به.
فلم يبق إلا القول بثبوت منازل هارون له بعد النبوة أو بها وليس في استثنائها استثناء المنازل ليصح مقصود النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم.
وليس لأحد أن يقول المحبة والنصرة غير موجبين عن النبوة كالخلافة وفرض الطاعة الثابتين عنها فإذا استثناهما باستثناء مقتضيهما بقيت المحبة والنصرة فتخصص مراده بهما وذلك يخرج كلامه عليه السلام عن العبث.
لأن المحبة والنصرة كالخلافة وفرض الطاعة في صحة كونهما موجبين عن النبوة كصحة كون الخلافة وفرض الطاعة ثابتين بغير النبوة إذا كانت هذه القضية واجبة فمطلق قوله صلى الله عليه وآله وسلم يتناول جميع المنازل الهارونية إلا ما استثناه من النبوة التي لا يدل استثناؤها على استثناء بعض المنازل دون بعض لصحة استحقاق الكل بها وخروج ثبوت الجميع عن مقتضاها فلو أراد بعض ما عدا المستثنى لوجب عليه بيانه وفي إطلاقه صلى الله عليه وآله وإمساكه عن الإبانة بتخصيص مراده ببعض المنازل دليلا على إرادته الجميع.
وأيضا فإن المحبة والنصرة معلوم ضرورة لكل سامع مقر بالنبوة ومنكر لها ثبوتها لعلي من النبي صلى الله عليه وآله وسلم فلا فائدة أيضا إذا في إعلام ما لا يدخل في معلومه شبهة.
على أن ذلك لو صح أن يكون مرادا مع بعده وقصده النبي صلى الله عليه وآله وسلم لنص عليه خاصة ولم يحتج إلى إطلاق لفظ موهم له ولغيره مع عدم الإبانة.