جوابا إلا التنبيه على غفلته فتقديمه صلوات الله عليه وآله التقرير على الأولى وإتيانه بعده بالمجمل أبلغ في بيان مراده من التقرير الأول على ما أوضحناه من ذلك.
وليس لأحد عرف الخطاب أن يقول دلوا على أن الكلام الثاني مبني على الأول وأن الأول بيان له.
لأن دخول الفاء المختصة بالتعقيب في الكلام الثاني يوجب تعلقه بالأول على أخص الوجوه وتعلقه به مع احتماله لو انفرد له ولغيره من المعاني دليل على كونه بيانا له لأن قوله صلى الله عليه وآله وسلم فمن كنت مولاه متعلق بقوله ألست أولى بكم بمقتضى العطف وتعلقه به يقتضي إرادة مولى لترتبه عليه وكونه بيانا له وقوله عليه السلام إثر ذلك فعلي مولاه جار هذا المجرى فيجب إلحاقه به والحكم له بمقتضاه.
وأما إفادة الأولى للإمامة فظاهر لأن حقيقة الأولى الأملك بالتصرف الأحق بالتدبير يقولون فلان أولى بالدم وبالمرأة وباليتيم وبالأمر بمعنى الأحق الأملك فإذا حصل هذا المعني بين شخص وجماعة اقتضى كونه مفترض الطاعة عليهم من حيث كان أولى بهم من أنفسهم في تقديم مراداته وإن كرهوا واجتناب مكروهاته وإن أرادوا وعلى هذا خرج قوله تعالى ( النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ) (١) وعليه قررهم صلّى الله عليه وآله.
وإذا وجب مثله للمنصوص عليه به وجبت طاعته على الوجه الذي كان له عليه السلام ووجوبها على هذا الوجه يقتضي إمامته بغير نزاع.
وبهذا التحرير تسقط شبهة من يظن اختصاص أولى بشيء دون شيء أو بحال دون حال أو مكلف دون مكلف لأن ترتبها على ما قرره صلوات الله عليه وآله من فرض الطاعة الثابت عمومها للمكلفين والأحوال والأمور يوجب
__________________
(١) الأحزاب ٣٣ : ٦.