خشنا عنيفا (١) ، حتّى يقدم به عليّ ، قال : فحمله معاوية على ناقه صعبة ، عليها قتب ، ما على القتب إلاّ مسح ، ثم بعث معه من يسيّره سيرا عنيفا ، وخرجت معه ، فما لبث الشيخ إلاّ قليلا حتّى سقط ما يلي القتب من لحم فخذيه وقرح ، فكنت إذا كان الليل أخذت ملائي فالقيتهما تحته ، فإذا كان السحر نزعتهما ، مخافة أن يروني فيمنعوني من ذلك ، حتّى قدمنا المدينة ، وبلّغنا عثمان ما لقي أبو ذر من الوجع والجهد ، فحجبه جمعة وجمعة ، حتّى مضت عشرون ليلة أو نحوها ، وأفاق أبو ذر ، ثم أرسل إليه وهو معتمد على يدي ، فدخلنا عليه وهو متّكئ ، فاستوى قاعدا ، فلمّا دنا أبو ذر منه قال عثمان شعر :
لا أنعم الله بعمرو عينا |
|
تحيّة السخط إذا التقينا |
فقال له أبو ذر : لم (٢) ، فو الله ما سمّاني الله عمروا ، ولا سمّاني أبواي عمروا ، وإنّي على العهد الّذي فارقت عليه رسول الله صلىاللهعليهوآله ، ما غيّرت ولا بدّلت ، فقال له عثمان : كذبت ، لقد كذبت على نبيّنا وطعنت في ديننا وفارقت رأينا وضغنت قلوب المسلمين علينا ، ثم قال لبعض غلمانه : ادع لي قريشا ، فانطلق رسوله ، فما لبثنا أن امتلأ البيت من رجال قريش ، فقال لهم عثمان : إنّا أرسلنا إليكم في هذا الشيخ الكذّاب الّذي كذّب على نبيّنا وطعن في ديننا وضغن قلوب المسلمين علينا ، وإنّي قد رأيت أن أقتله أو أصلبه أو أنفيه من الأرض ، فقال بعضهم : رأينا لرأيك تبع ، وقال بعضهم : لا تفعل فانّه صاحب رسول الله صلىاللهعليهوآله وله حقّ ، فما منهم أحد أدّى الّذي عليه ، فبينا هم كذلك إذ جاء علي بن أبي طالب عليهالسلام يتوكّأ على عصا سرا (٣) ، فسلّم ، عليه ونظر ولم يجد مقعدا ، فاعتمد على عصاه ، فما أدري أتخلّف عمدا (٤) أم يظن به غير ذلك ، ثم قال علي عليهالسلام : فيما أرسلتم إلينا قال عثمان : أرسلنا إليكم في أمر قد فرق لنا فيه الرأي. فاجمع رأينا ورأي المسلمين فيه على أمر ، قال علي عليهالسلام : ولله الحمد ، أما إنّكم لو
__________________
(١) في البحار : « من ينجش به نجشا عنيفا ».
(٢) في البحار : « ولم ».
(٣) في البحار : « سترا ».
(٤) في البحار : « عهدا ».