بل هو خير لك يا عمر وللمسلمين (١) ، وقوله أثر ذلك : ألم تعدنا دخول مكّة آمنين محلّقين ، وردّه عليه : لم أعدكم العام وستدخلها إن شاء الله ، ومضيّه إلى أبي بكر منكرا بعد ما قال وقيل له بقوله له : أرأيت ما فعل صاحبك ـ يعني رسول الله عليهالسلام ـ والله لو أنّ لي سيفه لضربت به وجهه. ولا شبهة في كفر المتعقّب على رسول الله صلىاللهعليهوآله ، والشاكّ في وعوده ، أو المنكر لما شرعه ، والمضيقة بالصحبة على المخاطب ، وبمثل هذه الكلمة الأخيرة حكموا على بني حنيفة بالكفر والردّة على المسلمة.
ولهذه الأحاديث نظائر كثيرة ، إيرادها مخرج لنا عن الغرض ، من أرادها وجدها في كتاب الفاضح والمسترشد للطبري ، والمعرفة للثقفي ، وغيرهما.
وأمّا الواقع منهم بعد النّبي صلىاللهعليهوآله وقبل الاستخلاف فضروب كثيرة :
منها : تخلّفهم عن جيش أسامة بن زيد بن حارثة رضياللهعنه ، مع تأكيد الأمر عنه عليهالسلام ـ إلى أن فاضت نفسه ـ بانفاذه ، ولا فرق بين خلافه عليهالسلام في ما أمر به من المسير مع أسامة ، وبين خلافه فيما أمر به من الصلاة والزكاة والإمامة ، وذلك فسق لا شبهة فيه ، ودعوى خروج أبي بكر من البعث لا يفي شيئا ، لثبوت الرواية به من كافّة الشيعة ، وقد بيّنا كون ما تواتروا به صدقا ، وقد نقله الجمهور من أصحاب الحديث.
[ ولو ] سلّم خروجه من البعث لكان إقراره عمر وأبا عبيدة والمغيرة وسالما على التخلّف ومنعهم من النفوذ فسقا يمنع من عدالته ، إذ لا فرق بين أن يخالف أمر النبي صلىاللهعليهوآله ، أو يمنع من نفوذه ، ولأن فسق عمر ومن شاركه في العقد لأبي بكر لخروجهم عن البعث بإجماع ـ كاف في تفسيق الجميع ، لأنه لا أحد فرّق بين القوم في العدالة أو الفسق ، ولا يسوغ ذلك اجتهادا ، لأنّه لا حكم للاجتهاد مع ثبوت النصّ ، لكونه فرعا له ، ولأنّ تسويغه (٢) في إبطال النصّ يقتضي فساد الشريعة جملة ، وذلك
__________________
(١) العبارة كذا وردت في النسخة.
(٢) في النسخة : « تسويفه ».