وهذه حال ينافي ما يعتبرونه من كون الإمام عالما ، ولو لم يكن على قصورهم عن رتبة العلماء إلاّ أنه لم يحفظ عن جميعهم ما يعلم من تفقّه شهر واحد لكفى في الدلالة على جهلهم بالأحكام ، لوجوب ظهور ذلك ، لعلوّ سلطانهم وكثرة أعوانهم.
وأمّا الشجاعة :
فمعلوم خلوّ الثلاثة منها ، وتقدّم أدنا موصوف بشيء منها عليهم ، وأنّ حالهم في مغازي النبي صلىاللهعليهوآله وسراياه ينقسم إلى أمرين :
إمّا تخلّف عن القتال ونكوص عن النزال ، بحيث الحاجة إليهم ماسّة ، كيوم بدر والأحزاب وأمثالهما ، ممّا لا شبهة على متأمّل للأخبار في تخلّفهما في ذين اليومين وغيرهما عن مباشرة الحرب وقتال الأقران.
وإمّا فرار على العقب ، وإسلام النبي صلىاللهعليهوآله ، كيوم خيبر ، وردّهما فيه راية رسول الله صلىاللهعليهوآله ، مصرّحين بالجبن ، متلاومين على الفرار ، وظهور الوهن لهزيمتهما في الاسلام ، وغضب النبي صلىاللهعليهوآله من ذلك ، وذمّهما عليه ، ووصفهما بالفرار ، ونفي محبة الله ورسوله لهما ومحبتهما له تعالى ولرسوله عليهالسلام.
وانهزامهم يوم أحد ، وإسلامهم رسول الله صلىاللهعليهوآله ومن معه من خلصائه.
وانهزامهم يوم حنين ، ورغبتهم بأنفسهم عن نصرة الرسول صلىاللهعليهوآله ومن ثبت معه من أهله ، واختصاص (١) أبي بكر من لوم الهزيمة فيه بما لم يشركه فيه أحد ، لقوله : لن نغلب اليوم من قلّة ، ونزول القرآن بتوبيخه في قوله تعالى : ( وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ ) (٢).
ورجوع عثمان من الهزيمة بعد ثلاث ، وتوبيخ النبي عليهالسلام له بقوله : لقد
__________________
(١) في النسخة : « وإنقاص ».
(٢) التوبة ٩ : ٢٥.