ومنه : جهله بما أباحه الله تعالى من المهور ، حتّى حرّم الزيادة على مهر السنّة ، وتوعّد بالعقاب ، حتى ردّت فتياه امرأة ، فرجع فقال : كلّ أحد أفقه من عمر حتّى النساء.
ومنه : جهله بجزية المجوس ، حتّى أفتاه بها عبد الرحمن بن عوف.
ومنه : جهله بموضوع الشرائع ، ووقوف فرضها ونفلها وحرامها على علاّم الغيوب ، حتّى شرع للناس صلاة موظّفة مقنّنة لا يزاد عليها ولا ينقص منها.
ومنه : جهله بإباحة أهل الذمة الإقامة بين ظهراني (١) المسلمين ، حتّى جلاهم عن جزيرة العرب ، وقال : لا يجتمع في جزيرة العرب دينان.
ومنه : جهله بصفة الاختيار وشروطه ، حتّى شوّر (٢) الشورى ، بخلاف ما قرّره أصحاب الاختيار ، وحكم فيها بما لا يجوز في الملّة ، ولا يجهله من له أدنى فطنة وأيسر بصيرة في الاسلام ، على ما نبيّنه فيما بعد إن شاء الله.
إلى غير ذلك من الأمور الدالّة على جهله بما لا يجهله بعض المتفقّهة ، فضلا من رؤساء أهل الاجتهاد.
ومن ذلك جهل عثمان : بقبح ردّ من نفاه النبي صلىاللهعليهوآله عن دار الهجرة إليها ، ونفي حبيبه أبي ذر عنها ، وإهانة [ أوليائه ] المخلصين ، وتقريب أعدائه الفاسقين ، وأحكام التسوية في العطاء.
وقصوره عن أدنى منزلة في العلم ، لفقد ذكره في العلماء ، وعدم الإسناد إليه بشيء من الأحكام يعتدّ بمثله.
في أمثال لهذا من فزع كلّ منهم إلى علي تارة ، وإلى معاذ أخرى ، وإلى زيد بن ثابت مرّة ، وإلى ابن عبّاس أخرى ، وإلى غيرهم من علماء الصحابة عند بلوى الأحكام ، وتقليدهم إيّاهم ، وعملهم بفتياهم.
__________________
(١) في النسخة : « الظهراني ».
(٢) في النسخة : « سوّر ».