ذكرتموه وإن كان معلوما ، فقد علم زواله فيما بعد ، وحصول الرضى من الجميع بإمامة المعقود له ، وتسليم الطاعة له ، وذلك يدلّ على إجماعهم ، وهو حجّة لا ينعقد على ضلال.
لأن هذا لو سلّم لهم لن ينفعهم شيئا ، لاتفاقهم على أنّ الحجّة في الإمامة وغيرها الاجماع ، وهو معقود يوم السقيفة باضطرار ، وفقده يقتضي تعري العقد فيها من حجّة الصحّة.
وإذا لم تنعقد إمامة أبي بكر يوم السقيفة ، لفقد دليلها الّذي هو الاجماع ، ووقوعها بمن لا يعتدّ بمثله في الملّة باتفاق ، لم تنعقد فيما بعد بإجماع ، لأنه لا أحد قال بفسادها يوم السقيفة إلاّ قال بذلك في كلّ حال ، ولا أحد حكم بصحتها إلاّ بنى ذلك على ثبوتها يوم السقيفة ، فاذا وضح برهان فسادها فيه سقط فرض النظر فيما بعده من الأحوال وما يدّعى من اتفاق عليها أو خلاف فيها.
على أنّ ذلك مبني على ظهور التسليم من الجميع ، وارتفاع النكير من الكلّ ، وأنه دلالة الرضا ، وأنّ الرضا هو دلالة الإجماع.
ونحن نبيّن أنّ النكير حاصل ، وأنّه لو كان مرتفعا لم يكن دلالة الرضا ، وأنّ الرضا ليس بإجماع.
أمّا دعوى ارتفاع النكير فظاهر البطلان ، لحصول العلم بموت سعد على الخلاف ، وهو من العلماء الّذين يجب الاعتداد به ، وإقامة علي عليهالسلام على النكير متخلّفا في منزله مدّة التمكن من ذلك ، مصرّحا في أكثر أحواله لما يقتضي إنكاره.
كقوله في ابتداء الأمر : والله لا أبايعكم وأنتم أحقّ بالبيعة لي.
وقوله لمّا هدّده بالقتل : يا ( ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكادُوا يَقْتُلُونَنِي ) ، ولم أزل مظلوما منذ قبض رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وقوله : ظلمت الحجر والمدر.
وقوله عليهالسلام : ولقد سبقني في هذا الأمر من لم أشركه فيه ومن لم أهبه له ، ومن ليس له منه توبة إلاّ بنبيّ يبعث ، ألا ولا نبيّ بعد محمّد صلىاللهعليهوآله ، أشرف منه ( عَلى شَفا جُرُفٍ هارٍ ) انهار ( بِهِ فِي نارِ جَهَنَّمَ ).
وقوله عليهالسلام : والله لقد تقمّصها ابن أبي قحافة ، وإنّه ليعلم أنّ محلي منها محلّ