فالحقّ حقّ عبد الرحمن واقتلوا الثلاثة الأخر ، أما والله ما أراد غيري ، لأنّه علم أنّ الزبير لا يكون إلاّ في حيزي ، وطلحة لا يفارق الزبير ، فلم يبال إذا قتلني والزبير أن يقتل طلحة ، أما والله لئن عاش عمره لأعرّفنه سوء رأيه فينا قديما وحديثا ، ولئن مات ليجمعني وإيّاه يوم يكون فصل الخطاب.
ورابعها : أنه عرض للأمر من يظنّ به الفساد في الدين من تقديمه أعداءه من آل أبي معيط على رقاب المسلمين.
وخامسها : أمره بقتل الستة تارة ، وبقتل اثنين أخرى ، وبقتل ثلاثة أخرى ، وبقتل الجميع إن لم يبرموا أمرهم إلى ثلاث من غير حدث ، وهذا عظيم ، لكونه نصّا على قتل أهل الجنّة والأفاضل [ من ] الصحابة من غير حدث ، إذ لا يجوز على رأي أحد قتل المخالف فيما طريقه الاجتهاد ، ولا يسوغ في الشريعة استحلال دم من لم يصحّ اجتهاده في ثلاث ، ولا يقوم برهان على كون الحقّ في اجتهاد عبد الرحمن دون علي عليهالسلام المقول فيه : علي مع الحقّ والحقّ مع علي يدور معه حيث ما دار ، ولا يجوز عند أحد من المجتهدين رجوع العالم إلى مثله ، ولا ترك اجتهاده له ، ولا يمكن أحدا إقامة برهان على أنّ إصابة عبد الرحمن الحقّ باجتهاده دون من خالفه مع فساد ذلك يقتضي استحلال دم المقطوع له بالثواب ، إذ كان القطع بثوابه مانعا من استحقاقه العقاب الّذي قتل قسط منه (١) لو كان الاجتهاد مسوّغا ذلك ، فكيف والمعلوم خلافه.
وبعد ، فاذا قتل الستة الّذين هم عنده الصالحون للإمامة دون سائر الصحابة ، من يرى يقوم بأمر الأمّة أو ليس هذا منه نقضا للاختيار وفساد الإمامة ، أو إيجاب ذلك لغير أهله رأي مصيب لمن يأمر بقتل رؤساء القبائل وأعلامها؟
أو لا يعلم أو يظنّ أنّ الإقدام على قتل علي عليهالسلام وهو سيّد بني هاشم ومن له في الإسلام ما ليس لغيره من المآثر ، وعثمان وهو سيّد بني أميّة ، وطلحة وهو سيّد بني تيم ، والزبير وهو سيّد بني أسد ، وسعد وعبد الرحمن وهما سيّدا بني زهرة ـ صبرا على
__________________
(١) كذا في النسخة.