وهي وصفهم : بأنّهم يحبّون الله ويحبّهم ـ وهذا يقتضي القطع على إيمانهم وعلوّ منزلتهم عند الله تعالى ـ وكونهم ذوي ذلّة ورفق بأهل الايمان ، وعزّة وشديد وطي على الكفّار ، مجاهدين في سبيل الله ، ( لا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ) ، في شقّ ممّا وصفهم به سبحانه.
فليثبتوا تكامل هذه الصفات لأبي بكر ليسلم لهم كونه المقاتل للمرتدين (١) ، وإن ثبت ذلك يغنهم عن الآية في المقصود ، وهيهات ، على أنّا نتبرع ببيان خروج أبي بكر منها.
فنقول : معلوم انهزامه والثاني له بخيبر ، وقول النبي صلىاللهعليهوآله : لأعطين الراية غدا رجلا كرارا غير فرار يحبّ الله ورسوله والله ورسوله يحبّانه ، فأعطاها عليّا عليهالسلام ، فاقتضى ذلك ثبوت محبّته لله تعالى ورسوله صلىاللهعليهوآله ومحبتهما له ، والحكم له بالكرّ ، وانتفاء ذلك عنهما ، فخرجا عن مقتضى الآية.
وبعد ، فإنّه وصاحبه لم يكونوا من أهل الذلّة على المؤمنين ، لغلظتهم على أهل بيت نبيّهم عليهمالسلام ، وعلى سعد بن عبادة والزبير وسلمان وبلال.
وقد صرّح أبو بكر بذلك فقال : وإذا عصيت فاجتنبوني (٢) لا أمثل في أشعاركم وأبشاركم ، مع ما صنعه ببني حنيفة من غير استحقاق ، على ما بيناه.
ووصف الصحابة عمر بالغلظة ، وثبوتها له بظاهر أفعاله.
وحال عثمان بذلك وإقدامه بالضرر القبيح والاستخفاف بأهل الايمان ظاهرة.
ولا من أهل العزّة على الكفّار ولا المجاهدين باتفاق ، على خلوّ ذكرهم بنكاية في كافر أو عناء في شيء من مواقف الجهاد ، وثبوت ذلك أجمع لعلي عليهالسلام وشيعته.
فيجب خروجهم من مقتضاها ، وتوجّهها إليه عليهالسلام وإلى من اتبعه مخلصا في قتال المرتدين.
ومنه : قوله تعالى : ( لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ
__________________
(١) في النسخة : « ان يقابل للمرتدين ».
(٢) في النسخة : « فتجيبوني ».