يك تشجيعا فلم يحصل إلاّ عن هلع من الرجل أو خوف أو خبّة (١) ، وذلك شكّ في خبره عليهالسلام ، لأنّهم لا يختلفون في أنّه صلىاللهعليهوآله أطلعه على هجرته ، وأنّه سبب علوّ الكلمة ، فلو وثق بهذا الوعد لم يخف من وصول الضرر إلى النبي صلىاللهعليهوآله ولا إلى من هو معه ، وهذا أعظم من الأول.
الثاني : تخصّص السكينة بالنبيّ عليهالسلام مع حاجة أبي بكر إليها لخوفه ، وأنّها لم تنزل قطّ على رسول الله صلىاللهعليهوآله ومعه مؤمنون إلاّ عمّتهم ، كقوله تعالى :
( ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ ) (٢) ، فلو كان من جملة المؤمنين لنزلت (٣) عليه السكينة مع حاجته إليها في تلك الحال.
إن قيل : من أين قلتم إنّ السكينة مختصّة بالنبيّ صلىاللهعليهوآله (٤).
فيجب رجوع الهاء في قوله : ( عَلَيْهِ ) ، [ عليه ـ عليه ] السلام ـ وإن كان قد تقدّم ذكر أبي بكر ، من حيث كانت عادة المقدّم في الضمير المتصل أن يرجع آخره إلى من تعلّق به أوله ، ما لم يمنع مانع ، كقوله : ( تُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً ) (٥) ، إنّما انقطع الضمير في ( وَتُسَبِّحُوهُ ) عن الأول ، لأن التسبيح لا يليق بالرسول ويخصّه تعالى ، لو لا ذلك لم ينفصل ، ولأنّه لا يوجد في كلام العرب ضمير يتعلّق أوّله بمذكور وأوسطه بمذكور آخر وآخره بالمذكور الأول.
فلا يجوز أن تكون الهاء في ( عَلَيْهِ ) مختصّة بأبي بكر ، مع علمنا بأنّها في قوله : ( نَصَرَهُ ) متعلّقة بالنبيّ صلىاللهعليهوآله بغير شبهة ، وفي قوله : ( وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ
__________________
(١) كذا.
(٢) التوبة ٩ : ٩٦.
(٣) في النسخة : « أنزلت ».
(٤) كذا في النسخة ، والظاهر وجود سقط واضح ، يمكن أن يكون : « ولم تختص بأبي بكر قلنا : بقرينة الضمائر الراجعة إلى النبي صلىاللهعليهوآله في قوله : ( إِلاَّ تَنْصُرُوهُ ) .. ( نَصَرَهُ ) .. ( أَخْرَجَهُ ) .. ( يَقُولُ لِصاحِبِهِ ).
(٥) الفتح ٤٨ : ٩.