تَرَوْها ) ، ومعلوم أنّ المؤيّد بالجنود هو النبي صلىاللهعليهوآله ، فيجب أن يكون هو المنزول عليه السكينة.
ومن ذلك فيه خاصة : قوله تعالى : ( وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ) (١).
قالوا : وقد نقل المفسّرون اختصاصها بأبي بكر ، وفيها الوعد بالمصدّق للثواب.
والجواب من وجوه :
منها : أنّ الراوي لذلك من جهلة المفسّرين ، هم الّذين أوّلوا القرآن بآرائهم ، وأضافوا القبيح إلى الله تعالى ، وشبّهوه بخلقه ، كمقاتل وقتادة وداود [ و ] الحواري والكلبي ، ولا اعتداد بتأويل من هذه حاله.
وبعد ، فهو معارض بما رواه ابن عباس ومجاهد وغيرهما من علماء التفسير.
فمنهم من روى ( الَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ ) جبرئيل عليهالسلام ( وَصَدَّقَ بِهِ ) النبي صلىاللهعليهوآله .
ومنهم من روى ( الَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ ) رسول الله صلىاللهعليهوآله ( وَصَدَّقَ بِهِ ) أمير المؤمنين عليهالسلام ، وهو أولاها ، لأنّه أول المصدّقين به بلا خلاف.
ولا يقدح في ذلك بما لا تزال جهّالهم يقولونه من صغر سنّه ، لأنه عليهالسلام لم يكن صغيرا يبعد منه التصديق ، لكونه ابن عشر سنين ، وقد وجدنا في زماننا من هو في هذا السن يدرك فهم (٢) كثير مما يبعد فهمه عن الكهول ، ولأنّ النبي صلىاللهعليهوآله دعاه إلى الاسلام بغير خلاف ، ولا يجوز أن يدعو من ليس بكامل ، لقبح (٣) ذلك ، ولأنّ النبي صلىاللهعليهوآله مدحه بالسبق ، وتمدّح هو به على أعدائه ، ولا وجه لذلك إلاّ
__________________
(١) الزمر ٣٩ : ٣٣.
(٢) في النسخة : « فيهم ».
(٣) في النسخة : « بقبح ».