وليس له أن يقول وجه التعذر أن أحدهما ليس بالوجود أولى من الآخر.
لأنا نعلم هذا في مقدوري الساهي وقد يوجد أحدهما.
وليس له أن يقول اشتراكهما في العلم بالمقدورات والدواعي منهما يحيل اختلاف الدواعي منهما.
لأن الاشتراك في العلم بالشيء وما يدعو إلى فعله لا يمنع من اختلاف الدواعي إليه يوضح ذلك علم كل عاقل بحسن التفضل وما للمحتاج إليه فيه من النفع وعدم الضرر لهما وقد يدعو بعض العالمين بذلك دواعي فعله وينصرف عن ذلك آخرون.
طريق أُخرى
وهو أنا قد دللنا على أن فاعل العالم سبحانه مريد بإرادة موجودة لا في محل فلو كانا قديمين لم يخل إذا فعل أحدهما أو كلاهما إرادة على الوجه الذي يصح كونه مريدا بها لم يخل أن يوجب حالا لهما أو لأحدهما أو لا يوجب.
وإيجابها لهما محال إيجاب الإرادة الواحدة لحيين كاستحالة إيجابها لحي واحد حالتين لأن إيجاب الإرادة لحي واحد حالتين أقرب من إيجابها لحيين فإذا استحال أقرب الأمرين فالأبعد أولى بالاستحالة.
وأيضا فإن إيجاب الإرادة الحال أمر يرجع إلى ذاتها فلو أوجبت في بعض المواضع حالا لحيين لوجب أن يوجب ذلك في كل موضع لأن الحكم المسند إلى النفس لا يجوز حصوله في موضع دون موضع وقد علمنا استحالة الإرادة الواحدة حالا لحيين فيما بينا (١) ـ فيجب الحكم بمثل ذلك في كل إرادة.
وإيجابها لأحدهما محال لأنه لا نسبة لها إلى أحد القديمين إلا كنسبتها
__________________
(١) كذا في النسخة ، والظاهر : « بيّنا ».