ولما ذا أدرك الشهادة؟! أفي حرب لأهل الشام مع الروم! أم في دفاع عن حريم الإسلام ضدّ الغزاة! القارئ المتمعّن في قراءته ، يعلم ـ بعد البحث والتنقيب ـ أنّ الصحيح الثاني ، ولكن ضدّ من؟ .. إنّه رحمهالله استشهد دفاعا عن الإسلام ضدّ المنافقين الذين هدموا الإسلام وغيّروا مجراه ، وجنوا على أنفسهم وعلى البشرية بغصب المعصوم مقامه حتى وصلت خلافة رسول الله صلىاللهعليهوآله ... هذا المنصب الإلهي الجليل ... إلى يزيد القرود والفهود والخمور ..
وآل الأمر إلى أن صار من تغلّب على الحكم ونجح فهو أمير المؤمنين ، يفرض نفسه على الإسلام ، وعلى الأمّة المسلمة وعلى الشريعة أن تقبله إماما مطاعا حتى إذا كان عفلقا أو عفلقيّا ، وتصادق على كل تصرّفاته مهما كانت ، فله الحرية الكاملة في القتل والشنق والإعدامات والمصادرات ...
وهذا السبكي وصنوه الاسنوي يقولان : ودخل دمشق فسئل عن معاوية ففضّل عليه عليّا كرّم الله وجهه ، فأخرج من المسجد وحمل إلى الرملة (١).
وقارئ نصّهما لا يرى فيه إلاّ الإخراج من المسجد والحمل إلى الرملة ، ولكن لسائل أن يسأل : إن كان خرج من المسجد صحيحا معافى ، ما حاجته إلى أن يحمل؟! .. إنّ السالم الصحيح يستطيع أن يسير هو إلى الرملة ، أمّا الحمل فلا يكون إلاّ لمن تضعضعت أركانه وانهدّ بنيان جسمه.
وعلى كل حال .. فإنّ شيبة هذا الرجل وقد ذرق على الثمانين من
__________________
(١) طبقات الشافعية للسبكي ٣ / ١٥ ، وطبقات الشافعية للاسنوي ٢ / ٤٨٠.