كانوا في السقيفة ، إذ أنّ غيرهم لم يكن هناك ، كما أن أعداداً كبيرةً من المهاجرين لم يوافقوا على ما جرى في السقيفة (١).
ثالثاً : أنّ المقصود من الآية ليس كما يدّعي المستشكل ؛ إذ أنها تبيّن حقيقةً تاريخيةً حدثت في زمنٍ خاصٍّ ، فلقد هاجر جمع من المسلمين إلى المدينة المنورة ، فاستقبلهم أهل المدينة بحفاوةٍ بالغةٍ وآثروهم على أنفسهم ، هذا هو الذي تشير إليه الآية ، وليس المراد منها بلا شكٍّ عدم وقوع مشاجرةٍ أو عداءٍ بين كلّ واحدٍ من المهاجرين والأنصار إلى الأبد ؛ وذلك لأنّه وبناءً على هذا التصور ستُنتقض الآية بعددٍ كبيرٍ من الأمثلة ، وذلك من قبيل ما حدث من نزاعاتٍ بين بعض المهاجرين والأنصار في عهد الخلفاء الثلاثة ، ومنها حادثة قتل عثمان ، والحروب الدامية في فترة خلافة الإمام عليٍّ عليهالسلام ، كالجمل والنهروان وصفّين ، فقد كان في تلك الجبهتين عدد من المهاجرين والأنصار. أو لم يكن هؤلاء المهاجرون والأنصار يتقاتلون في تلك المعارك ، فيريق البعض منهم دم البعض الآخر ، فهل هناك مجال لمثل هذا الفهم الساذج للقرآن الكريم ؟ وأيّ استدلالٍ ضعيفٍ قد تمسّك به المستشكل ؟!
__________________
(١) يراجع : تاريخ اليعقوبي ٢ : ١٢٤ والكتب التاريخية الاُخرىٰ حول الخلاف على بيعة أبي بكر.