« مفارقة سعيدة : قرصا الشمس والقمر متساويان تقريبا عند ما ننظر إليهما من الأرض إلا أن الشمس في الواقع أكبر من القمر بأربعمائة مرة وأبعد منه بالنسبة لنا بأربعمائة مرة. وبفضل هذه النسبة في بعد القمر والشمس عنا ونسبة قطر كل منهما ، أمكن لكسوف الشمس أن يكون كليّا عند ما يقع القمر بين الشمس والأرض ويكون الثلاثة في خطّ مستقيم. فلو كان قطر القمر ٣٢٠٠ كلم بدلا من ٣٤٨٠ كلم لما كان كسوف كلّي للشمس ولما علمنا بالشيء الكثير عن جو الشمس وخصائص طبقاتها الخارجية ، ذلك أن علم الفلك اليوم يدين بالكثير لخسوف الشمس الكلّي الذي مكّن وسيمكّن الإنسان من معرفة الكثير عن الشمس وميزاتها ».
تعليق
إن بعد الشمس والقمر عن الأرض وقطرهما وبالنّسب التي ذكرنا ، ليس من المفارقات السعيدة أو الصدف العجيبة كما كتب أكثر الذين استقينا منهم المعلومات الفلكية أعلاه ، بل لأهداف كثيرة أشار إليها المولى في كتابه الكريم. فمنها تعليم الإنسان بيان الخصائص في الأشياء : ( خَلَقَ الْإِنْسانَ. عَلَّمَهُ الْبَيانَ. الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبانٍ ) ( الرحمن : ٣ ـ ٥ ) ؛ ومنها الدليل على وجوده ومعجزاته : ( وَيُرِيكُمْ آياتِهِ فَأَيَّ آياتِ اللهِ تُنْكِرُونَ ) ، ( غافر : ٨١ ) ، و ( فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ ) ( الرّحمن : ١٦ ) ؛ ومنها التسخير لخدمة الإنسان : ( وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دائِبَيْنِ ) ( إبراهيم : ٣٣ ). أما بعض الكلمات الجوفاء كالصدفة السعيدة أو العجيبة فقد آن لها في القرن العشرين أن تمحى من كتابات العلماء ليحل محلها كلمة الخالق أو العلة الأولى. ولكن الإنسان كان وسيظل كما وصفه خالقه : ( إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ ) ( العاديات : ٦ ).
٢ ـ ( وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً ) ( الكهف : ٢٥ )
السنة الشمسية والقمرية : أخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : أنزلت ( وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ ) ، فقيل يا رسول الله : سنينا أو شهورا؟ فأنزل الله : ( سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً ). ومن تفسير ابن كثير للآية