وليت شعري ، أين كانت هذه الرواية غائبة عن ذهن أبي هريرة يوم صفين وقد حارب معاوية وهو رأس الفئة الباغية الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام ومعه من الصحابة الجمع الكثير ومنهم عمار بن ياسر الذي قال فيه النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : ( تقتله الفئة الباغية ) (١).
وأين كان أبو هريرة يوم صار معاوية يلعن الإمام والحسن وال وعبد الله بن عباس ، وقيس بن سعد (٢).
أو ليس هؤلاء من أصحاب النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم؟! ولكن أبا هريرة لمّا كان على رأس المجندين في مدرسة الوضع التي أسسها معاوية ، فهو يذكر من جرابه ما يريده معاوية.
ذكر ابن أبي الحديد في شرح النهج : ( إنّ معاوية وضع قوماً من الصحابة وقوماً من التابعين على رواية أخبار قبيحة على عليّ عليهالسلام تقتضي الطعن فيه والبراءة منه ، وجعل لهم على ذلك جُعلا يُرغب في مثله ، فاختلقوا ما أرضاه ، منهم أبو هريرة ، وعمرو بن العاص ، والمغيرة بن شعبة ، ومن التابعين عروة بن الزبير ) (٣).
وكان أبو هريرة مدرسة سيّارة مع معاوية ، فقد حكى ابن أبي الحديد عن شيخه أبي جعفر الإسكافي ، قال : ( وروى الأعمش ، قال : لمّا قدم أبو هريرة العراق مع معاوية عام الجماعة جاء إلى مسجد الكوفة ، فلمّا رأى كثرة من استقبله من الناس ، جثا على ركبتيه ثم ضرب صلعته مراراً ، وقال :
____________
١ ـ صحيح البخاري ٣ / ٣٠٧.
٢ ـ واقعة صفين / ٦٣٦.
٣ ـ شرح النهج ١ / ٣٥٨ط مصر الأولى.