نحو استحالة فصل أمر متصل مرتين ، فاذا تحقق مرة عند حاكم جامع لشرائط صحة القضاء فصل الخصومة فلم يبق أمر قابل للفصل شرعا بعد ، سواء رضي الخصمان بتجديد المرافعة أم لا ، لان رضاء هما يقع لا غيا بعد فرض عدم خصومة بينهما شرعا ، وان جواب المنكر منهما بالنفي غير مسموع ومطالبة المدعي منهما بالحق غير مقبولة في الإسلام ، فلا حاجة حينئذ إلى إقامة دليل من نص أو إجماع على حرمة النقض وان كانا موجودين في المسألة كما لا يخفى.
فما مال اليه بعض مشايخنا قدسسره من عدم المانع من تجديد المرافعة على تقدير رضاء المحكوم عليه. ليس في محله بعد ما عرفت من عدم بقاء محل قابل للفصل بعد الحكم الأول.
[ ما يجوز فيه نقض الحكم ]
نعم يجوز النقض في مواضع ثلاثة ، وهي المواضع التي يقع فيها الحكم الأول من أصله لاغيا غير مؤثر لا أنه حقيقة نقض للحكم بعد صحته :
( أحدها ) ما لو علم الحاكم أو غيره مخالفة حكم الحاكم الأول للحكم الإلهي الواقعي علما قطعيا ، سواء كان ذلك بنظر الحاكم الثاني في الحكم الأول حيثما يجوز له النظر أو بظهور المخالفة من غير نظر ، فإنه يجوز النقض حينئذ حتى يتجدد المرافعة ، لأنه الحكم على حد غيره من الامارات فلا يكون حجة إلا مع الجهل بالواقع ، وأما مع العلم به فلا حكومة له ولغيرها من الامارات على الواقع أبدا ، بل لا يعقل ذلك الأعلى التصويب الباطل.
نعم حكم الحاكم حاكم على سائر الأمارات كائنا ما كان ، بمعنى وجوب متابعة الحكم على الوجه الذي أمرنا بمتابعته لا تنزيل المحكوم به بمنزلة الواقع وتحكيمه على ما ينافيه من الامارات القائمة في مورد الحكم من تقليد أو اجتهاد