كالاعسار الذي يتحقق موضوعه بعد المطالبة ، وهذا هو الذي لا يفارق عدم المال ، وأما الأول فقد عرفت مفارقته عنه.
فان قلت : الحكم هو جواز المطالبة وعدم الجواز لا نفس المطالبة ، فلا يمتنع عروضه للإعسار الذي يتوقف على المطالبة حرمة مطالبة المعسر مطلقا سواء كان معسرا بدون المطالبة أو بعدها.
قلت : نعم لكن ذلك أيضا لا يبطل ما ادعيناه من مفارقة عدم المال عن الإعسار ، لأنا نفرض من سمعت غير مطالب بدين أو حق ، فان العسر حينئذ غير متحقق مع عدم المال رأسا.
[ في مفهوم العسر ]
وكيف كان فلا شبهة في أن مفهوم العسر أمر وجودي لكن مع ملاحظة أمر عدمي ، وهو فقدان المكنة الموجودة في صورة اليسار التي يتحقق بسببها مفهومه.
توضيح ذلك : ان اللفظ قد يكون معناه وجوديا محضا وقد يكون عدميا كذلك وقد يكون أمرا وجوديا ملحوظا فيه معنى عدمي ، وذلك مثل لفظ « الحد » فإنه عبارة عن جزء وجودي لا يكون بعده جزء آخر ، ومثل « اللازم » فإنه عبارة عن أمر وجودي لا ينفك عن وجودي آخر ، ومثل « الإلزام » فإنه عبارة عن أمر وجودي وهو مرتبة خاصة من الطلب مع عدم الرضا بالترك ، ومثل « الحبس » فإنه عبارة عن كون الشخص في مكان بحيث لا يقدر على الكون في مكان آخر ، ومثل « الشرط » فإنه عبارة عن شيء وجودي أو عدمي يلزم من عدمه عدم شيء آخر ـ الى غير ذلك من الألفاظ الدالة على أمور وجودية مع ملاحظة أمر عدمي ، بحيث لو جرد ذلك الوجودي عن ملاحظة ذلك المعني العدمي كان إطلاق اللفظ عليه غلطا ويحتاج الى لفظ آخر.