[ جرح أدلة القدماء في المسألة ]
ومما ذكرنا ظهر أدلة مختار القدماء من الايات والاخبار وجوابها وانه ليس فيها دلالة عليه الا على تقدير حمل اللام على الملكية المطلقة ثمَّ إثبات المفهوم القيدي بعد الوصية والدين في الايات ، وكلاهما كما ترى.
وأما الدليل العقلي على مذهب المتأخرين فتقريره بعد بيان مقدمتين :
إحداهما ـ عدم قابلية الميت للتملك ، وهذا مضافا الى كونه إجماعيا ظاهرا ـ لان القدماء يقولون انه في حكم مال الميت لا أنه مال له حقيقة ـ مما يساعد البرهان والوجدان عليه ، لأن الجدة أحد الأعراض التي لم يعلم قابلية ثبوتها للمجردات ، حتى أن ثبوت الملكية بالمعنى الذي يثبت للإنسان لله تعالى أيضا ممنوع أو ممتنع ، لان هذه الإضافة الخاصة ـ أعني العلقة الخاصة الحاصلة بين الإنسان وبين أعيان الأموال ـ متقومة بطرفين أحدهما الإنسان والثاني العين ، وثبوت مثل هذه العلقة لغير الحيوان الناطق ضروري البطلان ، وثبوت غيرها مما يخطر في ذهن المكابر المتعسف لا يمنع ثبوتها لغيره حتى الجمادات والحيوانات. والحاصل ان علاقة الملكية هذه العلاقة المعهودة المعدودة من الاعراض التسعة لا يتعقل ثبوتها لغير الإنسان ـ أي الحيوان الناطق.
وثانيتهما ـ ان الملك بلا مالك أو المال بلا صاحب أيضا من المستحيلات الأولية ، ضرورة امتناع قيام النسبة إلا بالمنتسبين ، والمراد بالمالية ما يساوق الملكية في الافتقار الى مالك وصاحب لمجرد ما يصلح لبذل المال في مقابله ، فإن المالية بهذا المعنى ثابتة للمباحات الأصلية أيضا. والحاصل ان الملكية والمالية كما لا يتعقل ثبوتها بدون المال والمملوك كذلك لا يتعقل بدون المالك وصاحب المال.