في الدين والعين كليهما كما عرفت فحكم الحاكم لا يوجب انقلاب حكمها الى الاحتياط ، بل غاية ما يترتب على الحكم تنزيل المحكوم به منزلة الواقع.
ولا ريب أن اشتغال الذمة واقعا بأمر مجهول مردد بين الأقل والأكثر لا يزيد حكمه على إيجاب القدر الأقل ، فيرجع الأمر في سماع الدعوى إلى الإلزام بالقدر المعلوم. وقد عرفت أنه ليس سماعا للدعوى المجهولة من حيث أنها مجهولة ، أي في ذلك الوصف العنواني.
والقول بأن الأمر قد يدور بين المتباينين كالثوب والفرس فيترتب على سماع دعوى ذلك الحكم باشتغال ذمته به واقعا المقتضي للاحتياط. قد عرفت ما فيه من أن دعوى الأعيان على تقدير سماعها انما تؤثر في الغرامة لا في دفع العين ، فيندرج تحت الأقل والأكثر المتداخلين.
ولو فرض تعلق الدعوى بأحد العينين الموجودتين حتى لا يرجع الى التغريم ، فالاحتياط فيه أيضا لا يرجع الى محصل ، إذ لا احتياط للحاكم في الحكم بدفع المتباينين تحصيلا للبراءة ، لأنه إعطاء للمال على غير مستحقه قطعا ولا للمحكوم له في أخذ هما ، بل هو مخالف للاحتياط في حقه.
نعم الاحتياط في تكليف المحكوم عليه يقتضي الصلح أو إرضاء المحكوم له ولو بدفعهما ، لكنه احتياط لا يلزم عليه بسبب الحكم ، بل يدور مدار علمه باشتغال الذمة وجهله به ، سواء حكم الحاكم باشتغال الذمة أم لا.
[ سماع الدعوى على الغائب ]
ومما يدل على أن المجهول على نحو إجماله لا يقبل الإلزام استثناء القائلين بسماع دعوى المجهول الدعوى على الغائب كالعلامة والمحقق ، إذ لا يتفاوت بناء على ما ذكر بين الدعوى على الحاضر أو الغائب ، فهذا الاستثناء دليل على