[ فرض دعوى الميت البراءة لو كان حيا ]
وأما لو قولنا بأن المراد به إبداء احتمال دعوى الميت للبراءة على تقدير الحياة كان تعليله من الأمور المعلومة المفروغ عنها ، لان دعوى البراءة بعد ثبوت سبب الاشتغال مستتبعة شرعا لتوجه اليمين الى المدعي بحيث يعلمه كل أحد.
وإذا كانت الدعوى المزبورة حكمها الاستحلاف حسن تعليل وجوب الاستحلاف استظهارا عند احتمالها على تقدير الحياة ، وان كان تعليل أصل الاستحلاف بالاحتمال المزبور غير مستحسن ، لان الحكم ببعض آثار الشيء إذا كان على وجه الاحتياط جاز تعليله باحتمال وجود ذلك الشيء ، والذي لا يحسن تعليله بمجرد الاحتمال التقديري ، انما هو الحكم به لا على وجه الاستظهار والاحتياط.
توضيح المقام : ان الاستحلاف هنا بعد قيام البينة الاستصحابية خروج عما تقتضيه عمومات البينة وقاعدة الاستصحاب ، فلا بد من تعليله إذا علل بعلة غير مطردة في جميع مجاري الاستصحاب وأغلب مجاري البينة ، فإن التعليل بعلة مطردة مع عدم اطراد الحكم مستهجن جدا ، وحينئذ فإن كان المراد بقوله « لأنا لا ندري » إلخ ، تعليل الاستحلاف باحتمال البراءة الواقعية كان تعليلا بالعلة المطردة مع عدم اطراد الحكم ، لان هذا الاحتمال قائم في الدعوى على الحي أيضا مع عدم الاستحلاف هنا كما عرفت ، بخلاف ما لو قيل ان المراد تعليله باحتمال دعوى الميت البراءة ، فإن العلة حينئذ تختص بمورد الحكم وما يضاهيه من موارد قيام هذا الاحتمال كالدعوى على الغائب وأخواته ويحسن بذلك التعليل ويكون مرجعه إلى مراعاة الاحتياط في اعمال موازين القضاء ، كما أن الأول يرجع الى الاحتياط في الحكم باشتغال الذمة الذي يقتضيه البينة بضميمة الاستصحاب.