ولأجل ذلك ترى الأصحاب يصرحون في باب الوكالة بجميع ما يقبل الوكالة وما لا يقبل من أول الطهارة إلى آخر الديات ويذكرونها فردا فردا بعد الإشارة إلى شرعية أصل الوكالة.
فظهر أن الشك في قابلية الشيء للوكالة لا رافع له الا بملاحظة أدلة ذلك الشيء ، فان دلت على اعتبار المباشرة فيه فهو ، وكذا لو دلت على عدم اعتبارها وان كانت مجملة ، فالمرجع في كل باب الى الأصل المقرر في ذلك الباب. والله العالم.
تتمة
[ قضاء المقلد في حال الاضطرار ]
ما ذكرناه من عدم جواز قضاء المقلد كان مختصا بحال الاختيار ، وأما حال الاضطرار ـ يعني عدم وجود مجتهد في البلد وتعسر الترافع اليه أو تعذره ـ فيظهر الحال فيه بعد ذكر مقدمة أشرنا إليها إجمالا ، وهي :
ان وجوب القضاء وفصل الخصومات ورفع المنازعات من المستقلات العقلية التي يستقل بها العقل بعد حكمه بوجوب بقاء النظام ، ولذا احتملنا قويا في الآية الشريفة « يا داوُدُ إِنّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النّاسِ بِالْحَقِّ » (١) أن يكون المتفرع على الخلافة القيد ، أعني كون الحكم على نحو الحق ، بأن تكون شرعية أصل الحكم له معلومة بالعقل المستقل ويكون الغرض من التفريع آكدية الحكم بالحق في حق الخلفاء. لكن ذلك الحكم من العقل على وجه الإيجاب الجزئي ، بمعنى حكمه بوجوب وجود القاضي والفاصل في الجملة ، وأما حكمه بوجوب القضاوة على الجميع أو على البعض المعين فلا.
__________________
(١) سورة ص : ٢٥.