ان الواجب إذا لم يكن تعبديا فلينظر فان كان له أجرة في العادة مع قطع النظر عن الحكم الشرعي كالصناعات جاز أخذ الأجرة مطلقا سواء كان عينيا أو كفائيا ، لأن متعلق الوجوب في مثله انما هو العمل المحترم المقوم ، ووجوب مثله لا يقتضي المجانية وسلب الاحترام كما عرفت. وان لم يكن له أجرة كذلك فان كان كفائيا فالظاهر عدم المانع من أخذ الأجرة عليه ، أما من جهة الشرطين الأولين فواضح ، وأما من جهة الشرط الثالث فلما عرفت من أن متعلق حق الله انما هو العمل من حيث صدوره عن الجميع ، ومتعلق الإجارة هو العمل من حيث صدوره عن الشخص ، وفيه تأمل. وان كان عينيا أو كفائيا معينا فالظاهر بناء على مراعاة الشرط الثالث حرمة أخذ الأجرة.
هذا كله في الواجبات الكفائية ، وأما المستحبات الكفائية ـ مثل ما يتعلق بدفن الموتى وكفنهم وصلاتهم وغسلهم من الزيادة على المقدار الواجب على القول باستحباب الغسل أيضا بعد حصول الواجب ـ فالظاهر عدم الاشكال ، والخلاف في التوصليات منها دون التعبديات ، ذلا مانع من أخذ الأجرة عليها حتى من جهة مراعاة الشرط الثالث أيضا ، ضرورة عدم كونها مستحقة على الأجير.
والعجب ممن منع الاستيجار على الواجبات الكفائية من جهة قصد القربة ، مع أنه لا فرق من هذه الجهة بين الواجبات والمستحبات.
[ عود إلى أخذ الأجرة على القضاء ]
هذه خلاصة ما اقتضاه المجال في تحقيق الحال في مسألة جواز أخذ الأجرة على الواجبات ، فلنعد الى ما كنا فيه وذكرنا هذه المسألة لأجله ـ أعني أخذ الأجرة على القضاوة ـ فنقول :
لا بد أن ينظر أولا في أن القضاء هل هو من القسم الثاني ـ أعني ماله منفعة