أخذ الأجرة. مثل الإنفاق في حال المخمصة ، فإن وجوبه لا يقتضي المجانية بل يجب عليه الإنفاق وعلى المنفق بذل العوض فان امتنع استقر في ذمته.
والدليل على ذلك : ان الدليل على وجوب الصناعات دليل عقلي ينشأ من استقلال العقل بوجوب محافظة النظام ، وهذا لا يقتضي التبرع بالعمل فيبقى احترام العمل بحاله. ويترتب عليه انه لو تعين الصنعة في شخص تعين العمل عليه وعلى المعمول له دفع الأجرة لذلك الدليل العقلي المشار إليه ، إذ لو وجب التبرع لزم اختلال النظام أيضا ، مثل ما يلزم على تقدير عدم الوجوب أو أشد كما لا يخفى.
وفائدة الوجوب تظهر فيما لو امتنع حتى مع الأجرة عند التعيين ، فلا يرد أن العمل مع الأجرة إيجابه سفه ، لأن الأجرة هي بنفسها داعية اليه ، فطلبه مع ذلك الداعي يشبه طلب الحاصل ، ومع عدم التعيين فلا يجب بذل الأجرة إلا مع الاشتراط ، فليس للصانع العمل وأخذ الأجرة قهرا.
ويترتب على ذلك أن الطبيب مثلا لو عالج قبل تضييق زمان العلاج لم يكن له شيء في ذمة المريض ، ولو نوى الأجرة ان عالج في صورة الانحصار أو مع تضييق الأمر وعدم اقدام الغير وجب على المريض أجرة المثل حينئذ مع عدم التبرع ، ومع الامتناع يستقر في ذمته.
ومن هنا يظهر أنه لا فرق بين الواجب العيني والكفائي في هذا القسم ، وانما الفرق بينهما في القسم الأول.
وقد تلخص مما ذكرنا في أخذ الأجرة على الواجبات الكفائية أنه مع اجتماع الشرائط الثلاثة المتقدمة يجوز أخذ الأجرة سواء كان عينيا أو كفائيا ، وان الاشكال كله في تشخيص صغرى الشروط ومعرفة وجودها أو اختلالها ، فنقول