[ الأدلة على اعتبار الاستفاضة الظنية ]
ودعوى أن غلبة جريان الاستفاضة في المطلق أوجبت أيضا التقييد به.
فاسدة ، لأن غلبة ارتباط أحد متعلقات الحكم بشيء لا يقتضي تقييد الحكم به مع عمومه لما سواه كما لا يخفى ، فلا بد حينئذ من اقامة الدليل على اعتبار الاستفاضة الظنية على وجه يختص بهذه الأمور. ويمكن أن يستدل عليه بوجوه :
( الأول ) السيرة القطعية الجارية بين المسلمين ، فان طريقة السلف والخلف مستقرة على المراجعة الى من اشتهر ولايته وقضاوته بين الناس بحيث يكشف عن إمضاء المعصوم ، وهكذا على ترتب آثار النسب والملك المطلق الى آخر السبعة بمجرد الشياع والاشتهار وان كان بعضها كالموت دون بعض في ذلك.
( الثاني ) عسر إقامة البينة كما لا يخفى على من عاشر أهل الابتلاء بهذه الأمور ، لان توقيف أمور الناس في حوائجهم إلى القضاة والولاة حتى يثبت عندهم بالبينة العادلة الجامعة للشرائط التي لا يعرفها الا العلماء ، ولاية القاضي عسر بين بل حرج واضح.
وكذا التوقف في ترتب آثار النسب ، خصوصا فيما يتعلق بالبطون السابقة حتى يشهد عدلان على النسب من غير أن يكون مستند الشهود أيضا هو الاستفاضة والا فالظاهر مساواة مقام الشهادة لمقام العمل ، بل الثاني أولى كما لا يخفى.
هذا ، ولكن دليل العسر إنما ينفي التوقف على البينة ويثبت حجية شيء آخر ، وأما كونه الاستفاضة فموكول إلى قرينة الإجماع. توضيحه : ان عسر إقامة البينة قد يوجب سقوطها رأسا كما في موارد قبول قول المدعي بمجرد دعواه مثل ما لا يعلم الا من قبله ، وقد يوجب سقوط بعض شرائطه مثل ما لا يستطيع الرجال على الاطلاع به ، فان جميع شرائط البينة لا بد من إحرازها فيه إلا ما