وجه الاستدلال : ان المراد بالعلم ما يشمل الظن الذي دل الدليل على حجيته بعلاقة المشابهة ، وهي وجوب العمل ، للإجماع على عدم اختصاص القضاوة بالعالم المستيقن ونفوذ قضاء المجتهد.
لا يقال : يبقى العلم على ظاهره وتحكم عليه الأدلة الظنية بعد قيام القاطع على اعتبارها ، فلا حاجة الى صرف اللفظ عن ظاهره بإرادة عموم المجاز.
لأنا نقول : العلم أخذ موضوعا للقضاء لا طريقا إليه ، وتحكيم الدليل الدال على الظن على ما يعتبر فيه العلم انما يتصور في العلم الطريقي لا في العلم الموضوعي ، فان التحكيم حينئذ لا بد فيه من التماس دليل آخر سوى أدلة الظنون كما تقرر في محله. مع أن ذلك لا يضر المستدل ، لأن أدلة التقليد حينئذ حاكمة على الرواية كما لا يخفى. فاذا ثبت أن المراد بالعلم ما يشمل الظن الواجب العمل دخل فيه ظن المقلد أيضا.
فإن قلت : المقلد ليس بظان بل هو متعبد بقول المجتهد.
قلت : المراد بالظن كل أمارة يجب العمل بها ولو تعبدا كما لا يخفى.
والجواب عنها :
أولا ـ ان إطلاق العلم على ما يشمل الظن ـ وان ذكره بعض في تعريف الفقه ـ لكنه ليس بمعهود في لغة العرب ، لان المجازات وان كانت نوعية الا أن علاقة المشابهة التي هي من أنواعها لا بد أن تكون في الصفات الظاهرة والجامع القريب لا كل جامع يمكن أن يفرض. ولا ريب أن وجوب العمل ليس من هذا الباب ، خصوصا على طريقة غير أهل الانسداد ممن يقول باعتبار الظنون الخاصة ، فإن مرجع ذلك في الحقيقة إلى التعبد الصرف ، نظرا الى كون الظنون الخاصة ظنونا نوعية غير مشروط بإفادتها الظن في مجاريها ، فليس في مقام العمل بها ظن حتى يشبه بالعلم لمشابهة وجوب العمل ، الا أن يلاحظ المشابهة حينئذ