الأمر بالمعروف في تلك الصورة أيضا ذلك ، الا أن هذا الإلزام إذا صدر من الحاكم على وجه الحكومة تأكد به وجوب الالتزام على المحكوم عليه.
وتوضيح ذلك وحقيقة الفرق بين الأمر بالمعروف والقضاء هو أن الإلزام على وجه الأمر بالمعروف لا يزيد في تكليف الملزم عليه شيئا على ما يقتضيه أدلة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الالتزام بخلاف الإلزام على وجه القضاء ، فإنه سبب لوجوب الالتزام بما الزم ، سواء طابق تكليفه أم خالف. وبعبارة أخرى سواء كان الملزم به لازما في حق الملزم عليه مع قطع النظر عن الإلزام أم لا ، فالملزوم والالتزام سبب للإلزام على وجه الأمر بالمعروف ومسبب عن الإلزام على وجه القضاء ، ولازمه تأكد اللزوم إذا طابق التكليف كما قلنا.
فظهر مما ذكرنا مادة الافتراق ومادة الاجتماع ، فإن الإلزام بما لا يقتضيه التكليف مادة افتراقه عن الأمر بالمعروف ، والإلزام بما يقتضيه تكليف الملزم عليه دون الحاكم الملزم مادة افتراقه من القضاء والإلزام فيما يقتضيه التكليف مورد اجتماعهما الموردي.
ويمكن الفرق أيضا في هذه الصورة باختلاف الجهة ، فإن الحاكم إذا ألزم بعنوان الأمر بالمعروف الذي هو مشترك بين العامي المقلد وبينه ، فهذا لا يزيد في لزوم الحكم ووجوب التزامه ، وان الزم بعنوان القضاء فهو يوجب تأكد الوجوب ، حيث أن التمرد عن الحكم حينئذ معصية من جهة مخالفته لأدلة الحكم ومن جهة رده على الحاكم ـ فافهم.
[ في قضاء المقلد ]
إذا تحقق ذلك فاعلم أن مسألة قضاء المقلد تشتمل على مسائل ثلاث :
( الأولى ) قضاؤه مستقلا من غير نصب المجتهد له للقضاء أو توكيل له في