كتلاوة القرآن وزيارة الأئمة وصلاة الهدية وأمثالها ، نظرا الى عدم منافاة التبرع لقصد القربة فيها ، بخلاف قصد أخذ الأجرة.
وعلى ذلك يبنى قول جماعة بالمنع عن الاستيجار للصوم والصلاة عن الميت مع القول بصحة التبرع بهما عنه. وهو خطأ لأن الإجارة فيما ذكر انما يقع على النيابة لا على متعلقها ـ أعني نفس العبادة. والنيابة نفسها ليست من العبادات المتوقف صحتها على قصد القربة حتى ينافيه الاستيجار ، بل هي من المعاملات التي يؤثر أثرها بلا قربة ، سواء كان متعلقها من المعاملات أيضا أم من العبادات ، فالاجير النائب ينزل نفسه بمنزلة المستنيب ، تنزيلا جعليا وفاء لعقد الإجارة ، وبعد هذا التنزيل يكون بمنزلة المستنيب ، فيتوجه إليه الأمر المتوجه الى المستنيب ، فيكون فعله وتقربه تقربه. وهذا ـ أعني صيرورة فعله فعله ـ هو المراد بأثر النيابة.
[ حقيقة النيابة وآثارها ]
وتوضيح المقام يستدعي كشف القناع عن حقيقة النيابة وذكر بعض ما يترتب عليها من الاثار ، فنقول :
ان النيابة عبارة عن تنزيل الشخص نفسه بمنزلة شخص آخر فيما يكون له أولا وبالذات من الافعال ، ثمَّ إتيان المنوب فيه بقصد النيابة. وهو أمر من الأمور الواقعية الخارجية المتعارفة بين الناس ، ولا يقدح في كونها من الأمور الواقعية كونها أمرا اعتباريا كسائر الأمور الاعتبارية المتعارفة بين الناس ، مثل الذمة وتملك المعدوم ونحو هما من الأمور الاعتبارية ، بل التحقيق أن أكثر ما يجري بين الناس من المعاملات التي أمضاها الشارع لا حقيقة لها سوى الاعتبار ، كالوكالة والضمانة والكفالة والوصاية وأمثالها من المعاملات.
والفرق بينها وبين الوكالة أن الوكالة صفة قائمة بالوكيل حاصلة من التوكيل ،