ذلك. وغاية ما يتوهم دلالته على ذلك أمور :
الأول ـ إطلاق ما دل على وجوب الحكم بما أنزل الله من الايات والاخبار كقوله تعالى « وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ » (١) ، وقوله تعالى « وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ » (٢) ، وقول الصادق عليهالسلام في تعداد القضاة « ورجل قضى بالحق وهو يعلم فهو في الجنة » وغيرها من الايات والاخبار.
ويرد : أولا بمنع الإطلاق لاهمالهما وورودهما في مقام بيان حكم آخر ، وهو كون الحكم لا بد أن يكون بما أنزل الله وعن علم وغير ذلك مما لا يخفى على من لاحظها مع سياقها ومصبها. وثانيا بعد تسليم الإطلاق القابل للاستدلال بأن المأمور بالحكم هو الذي كان عالما بالحق وبما أنزل الله تعالى في الشبهات الموضوعية التي هي محل استعمال القاضي للبينة والايمان ، مثل اختلاف المتخاصمين في دين أو بيع أو غصب أو نحوها من الشبهات الموضوعية لا تتوجه هذه الإطلاقات إلى المقلد الجاهل بالحال ، وبأن الحق فيما يقوله المدعي أو المدعى عليه ، كما لا يتوجه الى المجتهد الجاهل بالموضوع أيضا ، مع قطع النظر عن قوله عليهالسلام « استخراج الحقوق بأربعة » ونحوها مما يعطي ميزانا للقضاء عند الجهل بالموضوع.
فان قلت : بعد ملاحظة أدلة البينة واليمين ونحوها من الموازين المقررة نقول : ان المقلد في الشبهات الموضوعية ليس بجاهل للحق ، وهو مؤدى البينة مثلا ، فيجب عليه الحكم به لكونه حكما بما أنزل الله تعالى.
قلت : هذا مبني على مجيء أدلة البينة وسائر الموازين في حق المقلد أيضا ،
__________________
(١) سورة المائدة : ٤٤.
(٢) سورة النساء : ٥٨.