الا أن قضية ذلك عدم الفرق أيضا بين الصور ، كما أن قضية ما ذكرنا أيضا عدم الفرق.
فظهر أن الحق الارتزاق مطلقا ، للإجماع ظاهرا على جوازه في الجملة ، فلو كان رشوة حرم جدا ، كما أنه لو كان أجرة كان حاله حال أخذ الأجرة في سائر الواجبات الكفائية ، مع أن جواز الارتزاق في الجملة لا اشكال فيه ولا خلاف ، وهذا يدل على مغايرة حقيقته لحقيقتهما.
( ومنها ) أخذ الأجرة.
وجوازه مبني على أخذها في الواجبات الكفائية ، وقد بسط الأستاد دامت إفاداته المقال في هذا المجال في المتاجر مع زيادة توضيح وتحقيق.
وجملة القول فيه : ان مقتضى القاعدة أن ما دل على صحة الإجارة وما في حكمها لا مانع من العمل به في الواجبات حتى العينية فضلا عن الكفائية من حيث أنها واجبات ، بل المانع من العمل به أحد أمور إذا وجد أحدها حرمت الأجرة مطلقا واجبا كان المتعلق أو غيره :
أحدها ـ أن يكون المتعلق مما لا ينتفع به المستأجر ، فالأدلة الدالة على الإجارة غير شاملة لمثل ذلك ، بل الدليل على فسادها حينئذ موجود ، لكونه أكلا للمال بالباطل ، لان العمل إذا لم يكن يصل نفعه إلى المستأجر لم يصلح للعوضية ، فيكون شبيه البيع بلا ثمن.
ويتفرع على هذا الشرط فساد استيجار الشخص لما يجب عليه من العمل كصلاة الظهر مثلا ، فإن عبادة كل شخص لا تنفع إلا بحاله ، وفرض بعض الفوائد على مثله ـ كتحصيل الثواب بتعويد الشخص على العبادة وما أشبهها ـ فوائد راجعة إلى الاستيجار والتعويد وليست راجعة إلى نفس العمل كما لا يخفى. مع أن فرض بعض الفوائد إذا لم يكن معهودا في نوع العمل المستأجر عليه لا عبرة